سفيان، رغم صغره.. حمل معه هموم الفقر ليرتبها في قالب شعري

اعداد – ذياب غانم
تحمل عبئ الحياة وهو في عمر اقل من عشر سنوات، ولا زال يذكر عرق جبين ابيه والذي يعيش بكلية واحدة ليتسنى هو وبقية افراد عائلته العيش الكريم و لا زال يعمل لأجلهم رغم تجاوزه الخمسين من عمره.
تبين تجاعيد وجه ابيه في قصائده وكمية الألم التي عاشها سفيان وهو يراقب مجيء والده من العمل، نبثت في داخل سفيان شتلة ويوم بعد يوم تكبر وهي قصيدة يراد ان يصف ابيه بها لكن باعتقاده لا زال هناك الكثير من الكلمات التي لم تأتي في باله ولا زال يبحث.
شهد هذا الفتى تطورا في اللغة العربية وهو في الصف الخامس الابتدائي وحسَ ان بداخله موهبة ولكن كان يتجاهلها وكيف ستكون وكيف ستبدأ الا ان الحزن و الآلام علمته تماماً كيف يبدأ و كيف يدون.
نبضة تعريفية
سفيان حسن حمد (17 عاماً) شاعر ايزيدي يكتب باللغة العربية وهو في بداية مشواره الفني وهو من مواليد ناحية القحطانية التابعة إداريا لقضاء البعاج الواقع في جنوب غرب جبل سنجار شمال غرب العراق.
تجمعت الآلام حول سفيان وهو يعيش في خيمة اختارها القدر له دون الالتفاف الى رغبته ورغبة الآلاف من بني جلدته اللذين نزحوا جراء عمليات الحرب وغزو تنظيم داعش لمدينة سنجار الأيزيدية في صيف 2014.
تعيش في اعماقه الكثير من الأحلام اكثرها قيمة لديه ان يصبح ضابطاً عسكرياً وهو يحتفظ بسر رغبته بهذه المهنة رغم بعدها الشديد عن مجال كتابة الشعر لكن حسب وجهة نظره فمن الممكن ان يجمع بينهم.

الشعر وسفيان
يقول سفيان حول كيفية اختياره كتابة الشعر في سرد قصته لــ”ايزيدي 24″، ”وصلت إلى الصف الخامس الابتدائي وعشقت قواعد اللغة العربية وبعد ذلك يوم بعد يوم كنت اتطور أكثر واقرأ القواعد أكثر، فاختياري للشعر كان بسبب عشقي للقراءة والكتابة وكنت ولا زلت في تطور في اللغة وبعد ذلك اكتشفت اني اميل لكتابة الشعر وليس أي شيء اخر“.
وتابع، ”بدأت في كتابة الشعر في عام 2016 وقتها كنت في الصف السادس الابتدائي وأصبح لدي شغف للأستمرار ويوم بعد يوم كنت اتعلق بالشعر أكثر وأول قصائدي و نصوصي التي كتبتها كان في نفس العام، وأتمنى ان استطيع خدمة مجتمعي من خلال كتابة الشعر والمساهمة في نمو الشعر العربي بشكل خاص في المنطقة“.
”الشعر حياة لا يعرف عنها إلا من ذاق طعم الحزن، الشعر حياة أخرى تعيش في داخلنا، نحن نكتب عن المعاناة وعن الافراح وعن المناسبات كي نبعث رسائل الى العالم أننا مازلنا على قيد الحياة وسنقاتل للنهاية ودون توقف، في الشعر وسيلة جيدة ويعتمدها الكثيرون في التعبير عن الظروف الحياتية“ هكذا وصف سفيان الشعر.

الشعر وسنجار
وأشار الى أنه، ”في الحقيقة الشعر في سنجار ليس بالمستوى المطلوب الذي نراه نحن، ليس هناك أي دعم للشعراء والشعر في المنطقة ولولا منصات التواصل الاجتماعي لما كان للشعر أصلا وجود في مجتمعنا وهذه حقيقة، لكن بعد 2014 يشهد الشعر تطورا ملحوظا في مجتمعنا و هناك شعراء اصدروا دواوين وكتب وهذا شيء جميل“.
وأضاف، ”كان يجب ان يكون هناك مركز خاص مختص بالعناية والاهتمام ودعم المواهب سواء كان في الغناء او كتابة الشعر او أي موهبة أخرى فالجميع يستحق الدعم وهناك شعراء جيدين اعتبرهم مثالا لي أمثال (زياد حجي، الپير رعد القفان، هذال الحلو، صباح خديدا وغيرهم) ويمكن اعتبار هؤلاء مصدرا للحياة الشعرية في سنجار“.
ولفت الى ان ،”هناك شعراء أيضا لا يدعموننا كمواهب شابة أيضا في سنجار لسبب او لآخر و لذلك أطالب الشعراء بدعم المواهب الشابة لأنني أرى بان دون الدعم لا يمكن الاستمرار في كتابة الشعر و خاصةً الشعراء الجدد“.
مصادر التطور
وأفاد، ”ارى نفسي اتطور كثيرا مع مرور الوقت بغض النظر عن الأخطاء التي من الممكن ان اقع فيها او وقعت فيها سابقا وذلك عبر قرائتي للكتب ومشاهدة اليوتيوب وصفحات الشعراء الكبار من طراز نزار قباني ومحمود درويش والبعض من الشعراء الأخرين لكي اتعلم منهم“.
وبين،”تم محاربتي ومهاجمتي في بداية مشواري وبعد ذلك أصبحت هذه الأصوات النشاز دافعا كبيرا ومصدرا قويا دفعني للتطور اكثر والان هناك أناس يشجعونني على كل خطوة اخطيها واشكرهم على ذلك واعدهم بتقديم كل ما لدي“.
ووضح ان “عائلته كانت الدافع الأكبر وخاصة والديه ويطمح سفيان الى اصدار اول اصداراته بعد حصوله على الدعم اذ توفر”.
رؤيته الشعرية
قال في ذلك،”احب أن اكتب الشعر عن الحزن أكثر وأيضاً معاناة مجتمعنا الذي اهلكه الإرهاب بأعماله غير الإنسانية وعن الحب أيضاً“.
وفي الختام قال، ”يجب على كل المواهب أن يظهروا أنفسهم لان يجب ان تبدأ من نفسك وتشجع نفسك وتحارب المواقف والظروف ولا تستسلم والقادم افضل ان شاء الله“.