
حيدر الغانو
الشخص الأول: سنأخذ عَلمًا ونكتب عليه “الله اكبر” ونتَجَوّل في زاخو وأطرافها وأيّ شخصٍ في زاخو لديّه غيرة وعار لينضم إلينا، سنتجمع ونذهب إلى هناك “و يقصد إلى مخيم النازحين للهجوم عليه”
الشخص الثاني: أقسمُ بالله انا أول شخصٍ في زاخو يكون في طريقه للانضمام..
الشخص الثالث: أنا خارجٌ. خارج و سانتظركم..
الشخص الرابع: أنا قريبٌ من مخيّم “جم مشكو” حيث اسكن الشقق هناك، تعالوا وسانتظركم
الشخصُ الأول: لنكن جاهزين غدًا وأي شخصٍ يأتي فليكتب رقم ١ في مكان التعليق.
شخص آخر: نحن جاهزون وسلاحي ملقمٌ بسبع رصاصات مسبقًا.
ثم يأتي صوت قهقهتهم وضحكاتهم ويكملون الحديث عن خطتهم:
الشخص الثاني: بشرفي انا مع الرصاصات والرمانات فدائيٌ وجاهزٌ “للهجوم”
الشخص الرابع ينطق اسم الشخص آخر ويسأله: هل لديك سلاح BKC لتجلبه لي؟
الشخص الثاني ضاحكًا: ليس BKC لكن لدي رشاش.
الشخص الرابع: برب العالمين سأذهب إلى سطح البناية واطلق النار على المخيم!
الشخص الثاني: الBKC لا يصل، لا يعمل هكذا… قل لي أين تسكن أنت؟
الشخص الرابع: انا اسكن بالقرب من مخيم جم مشكو، المخيم بعيد عني مسافة دقيقتين فقط، اذا لم اوّجه الBKC نحو المخيم لستُ ابن أبي.
شخص آخر: لديّ سبع رمانات اقسم بالله إني سافجرها عليهم “على النازحين في المخيم” وعليّ.
ثم ناقشوا موضوع “الگروبات التي تشبه گروبهم” حيث بينوا بأن كلّ منطقة في دهوك واربيل والسليمانية لديهم “گروبات” يناقشون فيها هذه المسألة ويخططون لكيفية الهجوم على الإيزيدية في مناطقهم!
هذه لم تكن مقتطفات من روايةٍ او فلمٍ سينمائيّ يتحدث عن د11عش او القاعدة او أية مجموعة اره1بية أخرى. هذه كانت مقتطفات من مقطع صوتيّ واحد من ضمن المئات من المقاطع والفتاوي والمنشورات والتعليقات المشابهة… هذه المخططات والفتاوي لم تكن حلمًا او خيالًا، مع الأسف، بل كلها حقيقية صادرة من اخوتنا الأكراد في دهوك وزاخو والسليمانية ومناطق أخرى من كوردستان وهم كانوا يخططون للهجوم على النازحين وآخرون يدعون إلى حرق الايزيديين جميعًا وابادتهم او نفيهم وطردهم. كلّها اصوات حقيقية، نبرات صوتهم معروفة، صورهم واسماءهم وحساباتهم حقيقية وتعيش مع الحكومة والاحزاب والسياسيين… كلّ هذا حدث ويحدث أمام أنظار حكومة “دولة كوردستان”.
تخيّل عزيزي القارئ أن يحدث كلّ هذا وأنت تسكن في هذا المخيّم الّذي يتحدثون عنه، او أيُّ مخيّم آخر معرّض لهكذا هجوم!
تخيّل كمية الخوف ولحظات الرعب التي من الممكن أن تعيشها وأنت تسمع عشرات المقاطع الصوتية المشابهة وتشاهد مئات الفيديوهات وتقرأ عشرات الآلاف من التعليقات التي تدعو إلى حرقك أنت وكلّ من هو عزيز عليك!
ما الّذي فعلناه لنستحق كلّ هذا الحقد وهذا الكم الهائل من الكراهية تجاهنا؟
ما ذنب ناجية عانت من السبيّ الإسلامي وعاشت الجحيم في قبضة الدولة الإسلامية وهي، مجددًا، تسمع هذه الشعارات المشابهة وتسمع بأن مجموعة أخرى سترفع علمًا مشابهًا لعلم الدولة الإسلامية وتغزو المخيم الّذي تعيش فيه!
ما ذنب الأمّهات المسنات اللائي دخلن في أزمة نفسية مرعبة من الخوف، حيث صار حديثهن الوحيد عن الهجوم الوشيك من قبل الاكراد على المخيمات وعن الخطورة على طلبة الجامعات في الموصل وبقية المحافظات. أذهب إلى مخيّم ما لتجد بنفسك كمية الرعب في أحاديثهن، حيث وصل بهن الحد إلى الخوف على احبائهن ليس في المخيمات وسنجار والجامعات فقط إنماء في اوربا أيضًا! لو استطعت أن تستمع لحظة واحدة لأحاديثهن لشعرتَ بأنّ هذه الحياة التافهة لا تستحق العيش مهما كانت امالنا كبيرة، ستسمع كيف يسيطر الخوف عليهن كوحش مخيف حين يقلن “يقال أن هناك الكثير من الأكراد في المانيا واذا حدث هجوم هنا فسيحدث هناك أيضًا! “
ما ذنب الأطفال الّذين كانوا لا يزالون في احشاء امهاتهم عندما هربوا من داعش والآن يقولون لبعضهم البعض بإن ” داعش سيهاجم المخيمات ويقتل الجميع! “
ما ذنبُ شعبٍ كامل ودينٍ كامل وأمة كاملة!
ما نوع الدّين الّذي يخوّل شيوخه لإبادة قومٍ كامل بأطفاله ونساءه ورجاله، لإي سبب كان!
ما نوعُ الحزب الّذي يراقب خطابات الكراهية والتهديد والعنف و يترك المتطرفين أحرارًا!
ما نوع الحكومة التي تشاهد كلّ هذا ولا تحاسب شيخ جامعٍ واحدٍ، على الأقل، من بين جميع الشيوخ والملالي المسلمين الكورد المعروفين بهويتهم والّذين، بشكلٍ علني، يفتون ويدعون الناس إلى إبادة قومٍ كامل؟ ما نوع الحكومة التي تحمي هؤلاء الشباب المعروفين الّذين يخططون لعمليات ارهابية؟
ما هو الدّين او الفكر او المنطق “او اللامنطق” او الفعل الّذي من الممكن أن يجعلك تكره مجموعة بشرية كاملة وتحرّض على ابادتها او حتى تستعد بنفسك لتشارك في هذا الفعل!
ربما العشرات و حتى المئات من التعليقات الطائفية من شباب مراهقين أمرٌ طبيعي، و لكن أن تصل الأعداد إلى عشرات الآلاف في أيامٍ معدودة فهذه أعداد مرعبة و مخيفة إذا ما تذكرنا بأن ألدولة الإسلامية بدأت بالمئات فقط أثناء غزواتها لفتح الموصل و سنجار.
ربما أمرٌ طبيعي أن تكره بعض الأشخاص المحددين في مجتمع ما عندما يقومون بعمل لا يعجبك، لكن أن تحمل الكره و الحقد و حب الإنتقام من مجموعة دينية او عرقية كامل و تكون مستعدًا أن تبيدها عن بكرة أبيها، فهذا الأمر مرعبٌ و خطير و غير طبيعي و بحاجة إلى مراجعة و معالجة..
متى وكيف ولماذا نمت كل هذه الأفكار و الأحقاد و من المسؤول عنها.