اخبارمقالات

ثورة لغوية

خالد مجيد العلي

في القرن الأخير من تاريخ الايزيدية أدبيا حصل جمود مخيف بفعل الابادات الجماعية حتى بات كل أدبنا شفاهيا بدءا من الأمثال الشعبية التي هي بالآلاف مرورا بالأغاني التراثية التي كانت و لا تزال الجزء الأكثر رونقا في ادبنا و وصولا للحكايات و القصائد الدينية و غير الدينية و ليس انتهاءا بالشعر .ثم بعد ذلك بزمن استفحل الأمر أكثر فأكثر فسقط نظام سياسي بعد أن اشبع لغتنا بكلماته لغايات خبيثة و جاءنا آخر اكثر ضراوة و خبثا في هذا الامر و غيره و ضاقت بنا السبل حتى بدؤوا بمحاولة رسم ثقافاتهم على أوراق ذاكراتنا بعد شطب و مسح و تضليل وتظليل ثقافتنا فكان الاندثار نصيبا للكثير من الكلمات الايزيدية العليا حتى تضاءل عددها او اختفى بعضها لتحل محلها ترجمتها من لغات الاقوام المجاورة من العرب و الكورد.

هذه النكسة عرضت اللغة الايزيدية إلى معاناة تشمل ضياع الكلمات و فقدان النطق الصحيح و إضعاف مواطن الجمال في لغتنا المقدسة و طمر المفاهيم القواعدية تحت قواعد هشة للغات أخرى فتنازل الفرد الايزيدي عن تبني لغته و رضى باستبدال كلماتها و مضامينها و معانيها العميقة و جوهرها بأخرى لا تمت للعمق اللغوي الايزيدي بصلة، الا أن ما حُفظ في صدور العظماء من بعض رجال ديننا المتقين و مغنينا المبدعين كان كنزا دفينا لا يقدر بثمن الى أن اكمل مركز ثقافي باسم الايزيدية دوره المسيس في تحريف كل مفردة ترد في النصوص الدينية و كل ما نملك من إرث لغوي و ادبي و ديني من خلال طباعة الكتب و اشتروا اقلام البعض و ضمائرهم لفعل ذلك .
الجزء المتبقي من الكنز و الذي لم يعثر عليه المحرفون آن الأوان أن يخرج من الظلمة ليقابل أشعة شمس الأمل و هو ينشر رائحة العراقة في ارجاء ايزيدخان فقد بلغ السيل الزُّبى ! نعم بلغ سيل التحريف (جالات)* جبل شنگال!

بفعل طمس الهوية اللغوية للايزيدية تداخلت و تشابكت الكلمات الدخيلة مع الكلمات الأصيلة و اللفظ الفضيح مع اللفظ الفصيح لمفردات كثيرة في لغتنا و كنا جميعا بشكل او بآخر ضحايا هذه المحاولات الخبيثة شعراءا و كتابا و إعلاميين و صحفيين و لأن الآن أدركت ذلك بعد أن غصت قليلا جدا في قاموس الايزيدية و (كوكزمانها) اي قواعدها العميقة المتشعبة ، فأنني أعلن براءتي امام التاريخ من كل كلمة دخيلة استخدمتها في اي نص ايزيدي منشور او غير منشور في التواصل الاجتماعي و كل اسلوب قواعدي او تعبيري غير ايزيدي تبنيته و كل حرف نطقته بغير نطقه الايزيدي الصحيح و خاصة في النصوص : تشتك ئب شنكال هاتيه _كجا ايريفاني ،فاللغة الايزيدية عريقة بتاريخها، غنية بمفرداتها ،تستحق السبر في اغوارها و الحفاظ عليها و إحياء ما اندثر منها من خلال استخدامها بفخر لا يضاهيه فخر في الإعلام و الأدب و كل المجالات .
و بدوري ادعو كل من يكتب أي شيء و مؤمن باللغة الايزيدية الحية بالتبرؤ من المفردات الدخيلة و المضي قدما نحو الإبداع في قالب لغوي ايزيدي رصين .

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى