تقارير

أحداث سوريا.. هل تقرب العراق من سيناريو 2014 ؟

ايزيدي 24 بالتزامن مع العالم الجديد 

في الأيام الثلاثة الماضية، نشطت الجماعات المسلحة في سوريا، بشكل ملحوظ، فتمكنت من الاستيلاء خلال ساعات على مدن كبرى، بينها حلب، ثاني أكبر مدن سوريا بعد العاصمة دمشق، مقابل انهيار عسكري حكومي، في ظل استنفار عراقي أمني كبير للسيطرة على الحدود، تحسبا لأي خرق قد يعيد سيناريو 2014 الذي شهد سقوط ثاني أكبر مدن العراق (الموصل) بيد تنظيم داعش.

وعزا مراقبون عراقيون، ما يجري في سوريا إلى تحرك دولي أمريكي تركي إسرائيلي بهدف تقليص النفوذ الروسي، وتوسيع نفوذ أنقرة في سوريا، وتأمين جبهة الجولان، مرجحين تدخل الفصائل المسلحة العراقية في القتال لجانب النظام السوري، لكن محللا سوريا معارضا، نفى التدخل الدولي، وأكد أنها “ثورة شعب” ضد نظام بشار الأسد، وهو ذاته ما ذهب إليه محلل سياسي تركي.

وقد سيطرت هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها، على ثلاثة أرباع مدينة حلب شمال سوريا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهذه أول مرة تدخل فصائل مسلحة إلى حلب منذ استعاد نظام الرئيس بشار الأسد السيطرة الكاملة على المدينة عام 2016.

وبدأ الهجوم خلال مرحلة حرجة يمر بها الشرق الأوسط مع سريان وقف إطلاق نار هش في لبنان بين إسرائيل وحزب الله اللبناني الذي يقاتل منذ سنوات إلى جانب قوات النظام في سوريا.

إسرائيل والقلق من الجولان

ويقول المحلل السياسي المقرب من رئيس الحكومة، عائد الهلالي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الوضع في سوريا مقلق بشكل كبير، والأزمة هناك مستمرة منذ سنوات، على الرغم من دخول دول كبرى في هذا الصراع”.

ويوضح الهلالي، “في سوريا وخاصة في إدلب، هناك جماعات مدعومة من قبل القوات الأمريكية، وهنالك قوات مدعومة من قبل تركيا، وإذا أردنا تفكيك الصراع في سوريا، فيجب علينا معرفة الجهات المستفيدة”.

ويستطرد أن “العراق قلق جدا من تلك التطورات، لكن المؤسسة الأمنية طمأنت الشعب العراقي، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة تعمل على منع داعش من استعادة قوته، بحسب اتفاقها مع الحكومة العراقية”.

ويرجح وقوف إسرائيل أيضا وراء دعم هذا الحراك المسلح، من أجل “تأمين جبهة الجولان التي قد يعمل حزب الله على نقل معركته إليها في حال انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار”.

وأكملت الجماعات المسلحة السورية، طريقها باتجاه الريف الشمالي لحلب، لتسيطر، ظهر يوم أمس السبت، على بلدتي نبل والزهراء، اللتين تقطنهما غالبية شيعية، وكان الحرس الثوري الإيراني قد زج بالكثير من المقاتلين بعد عام 2012 لفك الحصار عنهما.

وبدأت الجماعات المسلحة عملية عسكرية باتجاه مطار حلب الدولي، فيما اتجه آخرون لتنفيذ هجوم في ريف حلب الشرقي، وسيطروا من خلاله على مدينة تادف المحاذية لمدينة الباب.

كما تستعد تلك الجماعات المدعومة من تركيا، لإطلاق عملية عسكرية أخرى في الساعات المقبلة، من أجل السيطرة على مدينة تل رفعت، التي تنتشر فيها قوات من النظام السوري ومقاتلون من قوات قسد الكردية.

الفصائل العراقية تتدخل

من جانبه، يتهم المحلل السياسي المقرب من فصائل عراقية مسلحة، عماد المسافر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، كلا من “تركيا وأمريكا وإسرائيل، بالمشاركة في تلك الأحداث”، موضحا أن “تركيا قامت بتحريك فصائل المعارضة السورية واستغلال الوضع الحالي والانشغال بحرب غزة ولبنان، بهدف توسيع نفوذها في سوريا، فيما تهدف أمريكا لرسم سيناريو جديد في المنطقة، تكون سوريا جزءا منه، وهذا السيناريو يهدف لإضعاف روسيا من خلال الملف السوري”.

ويضيف المسافر، أن “إسرائيل لديها تواصل مع فصائل المعارضة، ومنها جبهة النصرة، وهي من حركتها، ومن المحتمل دعمها بالسلاح والمال، لغرض إضعاف النظام السوري، وجبهة محور المقاومة”.

ويستبعد “تكرار ما حصل في العراق عام 2014، بسبب الجهوزية الكبيرة للقوات الأمنية العراقية، فضلا عن وجود الحشد الشعبي الذي يتمتع بقوة كبيرة، ناهيك عن حالة الوعي التي بات يتمتع بها المواطن العراقي، وخاصة في المدن الغربية والمحافظات السنية”.

وحول مشاركة الفصائل العراقية في سوريا، يؤكد المحلل السياسي “إذا تطور الأمر فإن تدخل الفصائل سيكون مؤكدا للدفاع عن مقدسات الشيعة، ومنها مقام السيدة زينب في العاصمة دمشق”.

وأعلن نائب قائد العمليات المشتركة الفريق أول الركن قيس المحمداوي، يوم أمس السبت، أن الحدود مغلقة بشكل كامل وملتزمون بأوامر القائد العام لحماية العراق.

وسبق للمحمداوي، أن أكد بأن حدود البلاد مع سوريا مؤمنة عبر الانتشار العسكري والكتل الإسمنتية والكاميرات الحرارية وتحليق الطيران المسير، وكشف عن أن التحصينات الأمنية الأخرى المتخذة لتأمين الحدود من خلال الأسلاك الشائكة وانتشار قطعات مختلفة من الجيش والحشد الشعبي بحدود سبعة إلى عشرة كيلومترات خلف الحدود بحدود سبعة.

سوريا: ثورة شعب

في الأثناء، يذهب المحلل السياسي السوري المعارض لحكومة بلاده، أحمد يوسف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “ما حصل في سوريا هو نتيجة إرادة شعبية، ولا يوجد أي تدخل لأي طرف دولي”.

ويلفت يوسف، الداعم للحراك المسلح في بلاده، إلى أن “المعارضة السورية استغلت ما جرى من ضعف لحزب الله اللبناني، وانشغال روسيا بالملف الأوكراني، فضلا عن انشغال الفصائل العراقية بالتهديدات الإسرائيلية، وإيران مشغولة بالأزمة الاقتصادية، وبالتالي رأت بأنه الوقت المناسب للتحرك، واستغلال ضعف نظام بشار الأسد وعدم وجود داعمين له”.

وحول علاقة تلك الجماعات بالتنظيمات المتطرفة، يشير إلى أن “لدى الفصائل السورية شأنا داخليا ولا علاقة لها بداعش أو التنظيمات المتطرفة الأخرى، وحتى المقاتلين في الجيش الحر (سابقا) صححوا من أخطائهم التي وقع فيها قبل سنوات، واليوم يحاولون كسب ود الناس، وبعد السيطرة على حلب، سيتوجهون نحو مناطق أخرى، أهمها حمص ودير الزور، وهي أكثر المناطق المعارضة لنظام الأسد”. 

وأعلن الجيش السوري، يوم أمس السبت، مقتل العشرات من قواته إثر الهجوم الذي نفذته فصائل مسلحة معارضة في حلب وإدلب خلال الأيام الماضية، مضيفا أن انسحابه من بعض المناطق يعد “إعادة انتشار” من أجل التجهيز لـ”هجوم مضاد”.

وكان قائد الحرس الثوري الإيراني الفريق حسين سلامي، قد أكد يوم أمس، مقتل رئيس فيلق المستشارين العسكريين الإيرانيين في سوريا اللواء كيومرق بورهاشمي الملقب بالحاج هاشم، على أيدي المسلحين.

تركيا: نتيجة طبيعية

إلى ذلك، يبين المحلل السياسي التركي محمود أوكتاي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما يجري في سوريا، هو نتيجة طبيعية لتطورات أحداث المنطقة، والسيناريو الجديد المرسوم للشرق الأوسط بعد وصول دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية”.

وينفي “الاتهامات الموجهة لتركيا بالوقوف وراء تلك الأحداث، فهي غير حقيقية، ولا علاقة لأنقرة بما يجري، ولم تقدم أي دعم للفصائل المسلحة السورية”، مؤكدا أن “ما جرى هو نتيجة طبيعية لعدم قيام النظام السوري برئاسة بشار الأسد بأي محاولة للإصلاحات والتجاوب مع المعارضة، وتقديم حل سلمي للأزمة، والتعلم مما جرى في السنوات الماضية”.

ويستطرد أن “النظام السوري حاليا في أضعف مراحله، لأنه خسر الداعم الأكبر، وهو حزب الله، الذي انشغل بالصراع مع إسرائيل، وضعف نتيجة الحرب، كما أن روسيا المعزولة عن العالم، لا تستطيع التحرك عسكريا كما في عام 2014، فالوضع الاقتصادي المنهار في سوريا وتصرفات النظام، كلها نقاط قوة للمعارضة، جعلت منها تستغل هذا التوقيت، وتسيطر على ثاني أكبر المدن السورية، ويبدو أن أمريكا لا تمانع ما يجري، نكاية بروسيا”. 

وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، قد نفى تورط بلاده بالقتال الدائر في حلب، مشيرا الى أن أنقرة ستتخذ الاحتياطات اللازمة ضد موجة النزوح المحتملة.

وليلة أمس، أجرى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اتصالا مع الرئيس السوري بشار الأسد، وأكد فيه أن أمن سوريا واستقرارها يرتبطان بالأمن القومي للعراق، ويؤثران في الأمن الإقليمي عموما، ومساعي ترسيخ الاستقرار في الشرق الأوسط.

وفي إطار التضامن العربي مع الحكومة السورية، أكد رئيس الإمارات محمد بن زايد، خلال اتصال هاتفي مع نظيره السوري، وقوف بلاده مع الدولة السورية ودعمها في “محاربة الإرهاب وبسط سيادتها ووحدة أراضيها واستقرارها”.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، أن الوزير عباس عراقجي سيشرع في جولة إقليمية، سوف يزور دمشق اليوم الأحد، للقاء الرئيس بشار الأسد، ثم إلى أنقرة غدا، ضمن جولة شرق أوسطية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى