اخبار

“جرح منسي في ذاكرة الإبادة”: دراسة جديدة حول الأطفال الإيزيديين

 

إيزيدي 24 – واشنطن

أصدر مركز الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون دراسة تحليلية جديدة، سلطت الضوء على واحدة من أكثر الجرائم المنسية في الإبادة الجماعية التي ارتكبها تنظيم داعش ضد الإيزيديين في العراق عام 2014، وهي قضية تجنيد الأطفال الإيزيديين قسرًا كجنود في صفوف التنظيم الإرهابي.

وبحسب الدراسة، فقد تم اختطاف آلاف الأطفال الإيزيديين من سنجار، حيث خضعوا لبرامج غسل دماغ وتدريب عسكري صارم، بهدف استخدامهم في تنفيذ عمليات عنف وترويج أيديولوجية متطرفة. واعتُبر ذلك جزءًا من خطة ممنهجة لمحو الهوية الثقافية والدينية للإيزيديين، من خلال تحويل أطفالهم إلى أدوات بيد الجناة.

ورغم الاهتمام الدولي بمعاناة النساء الإيزيديات، لا تزال مأساة الأطفال المجندين تُواجه تهميشًا خطيرًا على الصعيدين الإنساني والإعلامي، بحسب ما أورد التقرير، الذي دعا إلى تحرك عاجل يشمل الاعتراف بهذه الانتهاكات كجرائم حرب، وتوفير دعم نفسي طويل الأمد للناجين، ومحاسبة المتورطين أمام العدالة الدولية.

إن الصدمة النفسية طويلة الأمد التي تعرض لها الأطفال الإيزيديون الذين جُنِّدوا قسرًا من قِبَل داعش لا تُشكِّل أزمة إنسانية فحسب، بل تُشكِّل أيضًا قنبلةً أمنيةً واجتماعيةً موقوتةً. هذه الجروح العميقة، التي لم تُشفَ ولم تُعالَج بالشكل الكافي، تُقوِّض آفاق إعادة الاندماج أو التعافي بعد الإبادة الجماعية.

وتشير الدراسة إلى أن أحد الناجين، البالغ من العمر 16 عامًا، تحدث عن أن التنظيم قال لهم: “أنتم إيزيديون وكفار. نريد أن نهديك إلى الدين الحق لتذهب إلى الجنة”. أجبر داعش فتيانًا لا تتجاوز أعمارهم سبع سنوات على الصلاة خمس مرات يوميًا، ودراسة القرآن الكريم، وترديد شعارات داعش. في معسكرات التدريب، أطلق عليهم داعش أسماءً إسلامية عربية، ومنعهم من التحدث باللغة الإيزيدية، وعلّمهم إن الإيزيدية هم “عبدة للشيطان”.

كان هذا التلقين يهدف إلى محو الهوية الإيزيدية. وقد وثّق مراسلو حقوق الإنسان حالاتٍ لأطفال إيزيديين نسوا، بعد سنواتٍ من الأسر، لغتهم الإيزيدية الأصلية، ولم يجيدوا سوى التحدث باللغة العربية. اختُطف مازن، البالغ من العمر ثلاثة عشر عامًا، في سن الثامنة، ولم يستطع التواصل مع عائلته عند عودته، بل ردّد ما علّمه داعش إياه: “السلاح والقرآن، والعقيدة، وما شابه”. تُبرز هذه الروايات المُرعبة مدى نجاح داعش في إعادة تشكيل عقول هؤلاء الأطفال. أصبح هؤلاء الأطفال حاملين لفكر داعش، ضحايا وأدوات عنف في آنٍ واحد.

حتى أن بعض الناجين رفضوا عائلاتهم ومجتمعاتهم بعد الإنقاذ. شرحت إحدى الأمهات الإيزيديات كيف أصبح ابنها ينظر إلى داعش كعائلته بعد عامين من الأسر. وحاول صبي آخر، يُشار إليه بـ”س”، العودة إلى داعش ووصف والدته وأخواته بـ”الكفار”.

تعكس هذه الروايات أكثر من مجرد صدمة نفسية، بل تُظهر كيف وظّف داعش الهوية كسلاح لفصل الأطفال عن مجتمعاتهم. ما لم يُعالَج هذا التشويش على الهوية، فإنه يُشكّل تهديدًا دائمًا لتماسك الإيزيديين وتعافيهم بعد الإبادة الجماعية.

ومما يزيد الأمر تعقيدًا، بحسب الدراسة، الضعف الاقتصادي لأسر الناجين، حيث أصبح الكثير منهم نازحين وفقراء ويفتقرون إلى الموارد اللازمة لدعم الأطفال الذين تعرضوا لصدمات نفسية شديدة. وعلى الرغم من أن “قانون الناجيات الإيزيديات”، الذي أقره البرلمان العراقي عام 2021، يوفر تعويضات وخدمات دعم للنساء والفتيات الناجيات من أسر داعش، إلا أنه يفشل في إدراج الأولاد بشكل هادف في معايير الأهلية أو البرامج الخاصة به.

ونتيجة لذلك، لا يزال الأولاد، الذين اختُطف الكثير منهم وتلقنوا أفكارًا متطرفة واستخدموا كمقاتلين، مستبعدين إلى حد كبير من الخدمات النفسية والتعليمية وخدمات إعادة الإدماج التي ترعاها الدولة. واعتبارًا من عام 2020، كانت الخدمات المحدودة التي كانت موجودة لهم غالبًا ما تكون مؤقتة، وتعاني من نقص التمويل، وتديرها منظمات غير حكومية ذات نطاق غير متسق. والبنية التحتية التعليمية إما مدمرة أو يتعذر الوصول إليها، كما أن الصدمة المستمرة تمنع الكثيرين من الالتحاق بالمدارس البعيدة. وبدون دعم منهجي مصمم خصيصًا لاحتياجاتهم، فإن هؤلاء الأولاد معرضون لخطر الوقوع في تهميش دائم – تحرروا جسديًا من داعش، لكنهم ما زالوا مسجونين اجتماعيًا وعاطفيًا.

يجب على المجتمع الدولي، إلى جانب الحكومة العراقية، اعتماد استجابة شاملة واعية بالصدمات النفسية، تُدرك التجربة الفريدة التي يعيشها الصبية الإيزيديون، كضحايا إبادة جماعية وجنود أطفال سابقين، حتى يتمكنوا من الاندماج الكامل في حياة جديدة. والخطوات التالية ضرورية.

لقراءة الدراسة بشكل كامل، يُرجى زيارة الرابط أدناه:

They Who Have Seen Hell: The Forgotten Child Soldiers of the Yazidi Genocide

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى