تقارير

القاصرات والزواج المبكر، ضحايا بين العادات والقوانين

برعاية دولة رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني المحترم وضمن المبادرة الوطينة لتنمية الشباب، تنفذ ”مؤسسة ايزيدي 24 الإعلامية” هذه المادة ضمن مشروع ”نبذ خطابات الكراهية والحفاظ على التنوع” بالتعاون مع المجلس الاعلى للشباب ودائرة المنظمات غير الحكومية.

ايزيدي 24 – مشعل نواف 

 

زواج القاصرات هو إحدى الظواهر الاجتماعية التي تتسبب في الكثير من الآثار السلبية على الفتيات والمجتمع بشكل عام. تعتبر هذه الممارسة انتهاكاً لحقوق الأطفال، حيث يتم تزويج الفتيات في سن مبكر قبل أن يصلن إلى مرحلة النضج البدني والعاطفي، مما يعرضهن لمشاكل صحية ونفسية وتربوية خطيرة. كانت هذه الظاهرة منتشرة لدى الأجيال السابقة، لكنها لا تزال موجودة حتى الآن، رغم التقدم الحاصل في المجتمعات الأخرى في هذا الشأن. يُعد زواج القاصرات ظاهرة خطيرة تؤدي إلى مشاكل أسرية وزيادة معدلات الطلاق، نظراً لعدم امتلاك الزوجين في هذا العمر الصغير الوعي والمعرفة الكافية بالمسؤوليات المترتبة على الزواج. كما تواجه الفتاة القاصرة مشاكل نفسية وصحية بعد الزواج.

تختلف آراء المجتمع حول هذه الظاهرة، فهناك من يؤيدها، وهناك من يعارضها. إذ يرى البعض ان الزواج في سن مبكر يسهم في تكوين عائلة في وقت مبكر في المقابل يرى الآخرون أن الزواج المبكر ظاهرة سلبية تؤدي إلى زيادة معدلات الطلاق في المجتمع، كما أنه يعتبر أحد أسباب حالات الانتحار لدى الفتيات إلى جانب المشاكل الصحية والنفسية الناجمة عنه.

فيما يخص هذا الامر صرحت الناشطة في مجال حقوق المرأة ومديرة منصة نساء سنجار ناهدة درويش حسين لـ ايزيدي24: الزواج المبكر موضوع حساس ويثير الكثير من القلق والتساؤلات، زواج القاصرات له تأثيرات كثيرة من جوانب عديدة على الفتاة القاصرة منها تأثيرات صحية ونفسية حيث ان جسد الفتاة القاصرة غير مؤهل للزواج في سن مبكر او للحمل المبكر، كما أنه يزداد حالات العنف الاسري بسبب الزواج المبكر وذلك لعدم نضوجهن بشكل كافِ لمواجهة التحديات والمشاكل الأسرية وعدم قدرتهن على تحمل المسؤولية.

“يزداد العنف الاسري بسبب الزواج المبكر”

كما اوضحت درويش اضرار الزواج المبكر على الفتاة القاصرة والسبل الكفيلة بالحد من هذه الظاهرة: لهذه الظاهرة تأثيرات صحية ونفسية واجتماعية على الفتاة القاصرة، منها من مضاعفات الحمل والولادة، وكما ان الفتيات القاصرات عرضة اكثر للوفاة اثناء الولادة بسبب عدم اكتمال نمو جسد الفتاة في ذلك العمر، كما ينتج عنها اضطرابات نفسية وتعرضهن للعنف الاسري بسبب عدم التكافؤ في العمر بينهن وبين أزواجهن والأهم من ذلك ان الزواج المبكر يعتبر احد أسباب الانتحار بسبب عدم قدرة الفتيات على تحمل الضغوط النفسية وتعرضهن للعنف الأسري، وكما لها اضرار اجتماعية مثل الحرمان من التعليم وعدم امتلاك الخبرة الكافية لرعاية وتربية أطفالها.

“الزواج المبكر يعتبر احد اسباب حالات الانتحار بسبب عدم قدرتهن على تحمل الضغوط النفسية وتعرضهن للعنف الاسري اكثر من غيرهن”

كما أشارت المتحدثة إلى أسباب الزواج المبكر، لهذه الظاهرة أسباب عديدة منها اجتماعية وثقافية مثل العادات والتقاليد حيث يرى بعض المجتمعات بحكم العدات والتقاليد بأن الزواج المبكر امر طبيعي، وقلة الوعي لدى المجتمع حيث أن قلة الوعي تلعب دور كبير في هذه الظاهرة اذ ان نسبة كبيرة من المجتمع ليسوا على دراية بأضرار ومساوئ الزواج المبكر على أولادهم، ويلجأ البعض إلى تزويج بناتهم في سن صغير بسبب الفقر لتخفيف الأعباء المالية على العائلة. وكما ان للقوانين دور مهم في منع الزواج المبكر إلا ان القانون الموجود حالياً لا يمنع ذلك بل قد يساهم في بعض الاحيان في هذا الامر.

“الفقر يزيد من حالات زواج القاصرات”

وختمت درويش حديثها موجهة رسالة إلى المجتمع، يجب أن يكون هناك وعي مجتمعي حقيقي لمكافحة هذه الظاهرة، من خلال حملات التوعية وتشجيع دور المرأة في المجتمع. الطفولة ليست للزواج، الفتيات لسن مستعدات جسدياً أو نفسياً لتحمل مسؤوليات الزواج والأمومة في سن صغير. يجب أن نوفر لهن حقهن في التعليم والنمو بعيداً عن الضغوط المبكرة.

“الطفولة ليست للزواج”

فيما صرح المحامي عادل جميل الحاصل على شهادة الماجستير في القانون المدني لـ ايزيدي24 حول هذا الموضوع قائلاً: يعتبر الزواج في سن مبكر سبباً رئيسياً في زيادة معدلات الطلاق، حيث يواجه الأزواج في هذه الحالات تحديات وصعوبات تؤثر على استقرار العلاقة الزوجية، كما أنهن لا يمتلكن القدرة على مواجهة مشاكل ومسؤولية الزواج في ذلك العمر الصغير.

“الزواج المبكر احد اهم أسباب حالات الطلاق في المحاكم”

وأضاف جميل، لا توجد قوانين تمنع الزواج المبكر ما دام ولي أمر القاصر موافق على ذلك الزواج، وان وجد قبل الان فإن تطبيقها كانت ضعيفة او معدومة، وبعد تعديل قانون الاحوال الشخصية في شهر فبراير الماضي حيث يسمح القانون بزواج الفتيات في سن 15 عاماً والزواج خارج المحكمة وبنود أخرى ضمن القانون يسمح بزواج القاصرات، مما يساهم في زيادة هذه الظاهرة وبالتالي تفاقم مشكلة الطلاق والعنف الاسري داخل الاسرة وفي المجتمع ككل، حيث بلغ عدد الطلاق في محافظة نينوى في شهر الشباط 479 حالة طلاق اي بمعدل 16 حالة طلاق يومياً وكما أشار ،جميل أن 3 من كل 10 حالات زواج هي زواج قاصرات.

“3 من كل 10 حالات زواج هي زواج القاصرات”

كما صرح الناشط المدني محمود برغشي لـ ايزيدي24 عن هذه الظاهرة قائلاً: ظاهرة الزواج المبكر في المجتمعات ليست وليدة اليوم بل ظاهرة توجد في جميع المجتمعات لكن اليوم هذه الظاهرة تغزو المجتمع الإيزيدي، إذ ان لهذه الظاهرة تأثير كبير على المجتمع وبدأت تزيد، وذلك لعدم وضع حلول لها وهناك ظواهر سلبية أخرى تنتجها هذه الظاهرة كالطلاق وتعدد الزوجات والانتحار والهروب من التعليم وغيرها، ولا شك أن الزواج المبكر لها تأثير سلبي كبير على الفتيات القاصرات من ناحية التعليم ومستقبلهن لأن للزواج مسؤوليات ومهام عديدة لذا من الصعب على الفتيات القاصرات تحمل تلك المسؤوليات العائلية مع الاهتمام بالتعليم بنفس الوقت مما يؤدي إلى الإبتعاد عن التعليم.

“هناك ظواهر سلبية أخرى تنتجها هذه الظاهرة كالطلاق وتعدد الزوجات والانتحار والهروب من التعليم”

كما أضاف برغشي عن المحاضرات حول ظاهرة الزواج المبكر، ركزنا على الاسباب الرئيسية لهذه الظاهرة إضافة إلى التأثيرات والنتائج والحلول التي من الممكن العمل عليها. على الرغم من أن هناك استجابة من العوائل وخاصة من المثقفين والنشطاء حول هذه الظاهرة لكن بنفس الوقت كانت هناك تحديات نظراً لتفكك المجتمع والعوائل.

“هناك تحديات نظراً لتفكك المجتمع والعوائل”

كما ذكر برغشي نقاط مهمة بخصوص التقليل من هذه الظاهرة في المجتمع:
هنا أشير إلى بعض الحلول او النقاط التي توصلنا إليها وهي:
– وضع تشريع قانون أحوال شخصية خاص بالايزيديين.
– تدخل المجلس الروحاني الايزيدي ووضع شروطاً خاصة بالزواج بما يتعلق بالمهر والعمر وتعدد الزوجات.
– تحريم او منع تعدد الزوجات بأستثناء الحالات الخاصة.
– توعية المراهقين والقاصرين حول مخاطر الزواج المبكر.
– عمل بحوث و دراسات خاصة حول هذه الظاهرة.
– التركيز على ظاهرة الزواج المبكر في المدارس والمجالس الاجتماعية للحد منها.

وفي ظل التقدم الحاصل ومحاولة المجتمعات المتقدمة في دعم المرأة والحفاظ على حقوقها وتحقيق المساواة إلا ان مجلس النواب العراقي قام بالتصويت على تعديل قانون الاحوال الشخصية رقم (188) في 17 فبراير الماضي والذي رأه الناشطين والناشطات في مجال حقوق المرأة هذه الخطوة بأنها تهميش للمرأة وحقوقها وان تعديل هذا القانون يضطهد المرأة اكثر ويحرمها من حقوقها لأحتوائها على بنود مثل السماح بتزويج القاصرات في سن مبكر وعقد الزواج خارج المحكمة وسلب حضانة الام، قوبل تعديل هذا القانون بالرفض من قبل المجتمع ومنظمات حقوق المرأة، كما شكلت القوى المدنية العراقية تحالفاً تحت مسمى تحالف 188 لضمان حفظ حقوق المرأة في هذا القانون وعدم ضياع حقوقها، وكما شكلت كتلة نيابية من عضوات نواب في البرلمان العراقي رفضاً لهذا القانون لضمان الحفاظ على نسيج الاسرة العراقية وصيانة حقوق افراد هذه الاسر بحسب بيان تلك الكتلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى