قصص صحفية
“ربيعة نه ته بيعا ” من ملاحم الجياع
صلاح رفو
يُـظهر المونولوج على الاغلب هوية الفئات المسحوقة والمهمشة في المجتمع نظراً لبساطة مفردات الكلام الموجودة فيه وسهولة تداوله، وكان هذا النمط من الاغاني هي اولى الانماط الموسيقية التي تسمعها اذني سوئ كان في الشارع او المدرسة او في حدثٍ سعيد ، تُضاف عبارةٌ من هنا او سطرٌ من هناك مع كل مناسبة و كل طارئ مهما كان عابراً. يعد المنولوجست ( عيدو كتي) احد الايقونات السنجارية في هذا الغناء ويـُنسب له اغلب الاغاني التي يتداولها الناس بأسم “اغاني شنكالية” كـ( شه ملاني، هاري كه نيه،مه نجي،عه ليكو ده ينو)…الخ ، وبمقارنة بسيطة مع النص الاصلي المتداول حينذاك مع النص الحالي سنجد اضافات كثيرة طرات عليه منسجماُ مع مناخ وحدث تلك الفترة…بعضها يعيش وبعضها يهمل لـٌتغنى بنفس الرتم المعروف بالبساطة والخفة والفكاهة والسخرية .استذكر هنا اغنية “طارق ميهفانئ منؤ”(ضيفي طارق) المشهورة للفنان علي خديدة، ومُجمل القصة هي عن علاقة حب عابرة بين فتاة قروية من منطقة كرسي وموظف قادم بصفة مضمد الى مستوصف الناحية ،تضاف جمل وتُقصر حسب طبيعة اهالي المنطقة الذين يرددون الاغنية، اضيفت لها في سبعينات القرن الماضي عبارة “مه برنؤ دان ب رشاشا…طارق ميهفانئ منؤ”(نحن بدلنا البرنو بالكلاشنكوف ) وهو ايحاء بتحول الانتماء السياسي للمجتمع من الحزب الديمقراطي الكوردستاني الى البعث بعد فشل الثورة الكوردية في سنجار، والحالة ايضا مع معظم اغاني عيدو كتي التي تلائم كل البيئات الجبلية والزراعية لتشابهها رغم اندثار بعضها . المزاج العام المتعب والقلق بعد هدم القرى القديمة واسكان الناس في مجمعات قسرية وابان الحرب العراقية الايرانية تحديداً لم يستسغي صيغة المونولوج السائد لقلة مناسبات الفرح والتجمعات الاجتماعية، ورغم محاولات “هافين وخليل” بأضافة خزين من هذه الاغاني وباشكال كثيرة ومتنوعة ومصاحبة للحداثة الا ان جميعها لم تدوم طويلاً رغم تسجيل معظمها وبيعها على اشرطة الكاسيت (وا سايقه ي كوسته ري، سيسه ته ري، كه ندورو)..الخ من الاغاني التي روجت وغنت لأشهر او موسم واختفت فيما بعد. في بساتين ربيعة بانت هذه الظاهرة وهذا النمط لكون الارضية كانت مهيئة ، اذ لا كهرباء ولا تلفاز ولا انيس سوى القصص وحكايات وشجون الزراعة والفقر الا انها لم تخرج من طور كونها “طقاطيق غنائية” لم تنضم ولم تُغنى خارج تلك التجمعات السكانية ،وبدات بقصة “عبدو” ذلك الشخص الذي يوظف كل امواله في الزراعة لكنه يعود مع عائلته خاسراً الى قريته ولتشابه قصته مع قصة اغلبية المزارعين القادمين كل سنة للزراعة ولعدم وجود منفذ اخر فكانت تغنى في الامسيات:
فه يدا عبدو ل خوه كرى
ديك ومريشكه ك كرى
ديك ب كيمياوئ مرى
ومريشكئ هيك نه كرى
ما جناه عبدو من تعبه اشترى دجاجة وديك
الديك مات بالكيمياوي( المبيدات التي ترش على النباتات)
والدجاجة لم تبيض!
نسجت اغاني كثيرة عن امراض التي تصيب المزارعين والنباتات والعوائق التي تكبر بشكل متسلسل وسنوي، اذ وظفت الكلمات الساخرة المسترسلة والمنتهية بنفس القافية عن المعاناة مع الديدان والعناكب التي تفتك بجذور نبتات الخضار وعصفور القبرة الذي يتغذى على حبوب زهرة عباد الشمس والكثير من المعاناة المشتركة التي تظهر مع كل موسم زراعي كالبذور الفاسدة وانواعها وسلوك مالك الارض مع المزارعين والذي يطلق عليه ” المعلان” :
كورمه ك هاتيه ژ عه لگانا ..
كه تيه به ر قورمئ به عجانا..
ل به عجانا كريه تالانه ..
قه وشک د بيژئ ئه ف نه تیتی یه
ئه ف ايكيوسئ ئه جنه بیه
ئه و زانئ دیندکا گولا ل کویه
.. دودةٌ قادمٌة من علكانة(منطقة زراعية تابعة لربيعة)
تفتكُ بجذور نبتات الطماطة
عصفورٌ كأنه وليس بقبرة
كأنه ايكيوس الاجنبي(مسؤول البحث عن ملف اسلحة الدمار الشامل في العراق)
يعرف اين هي حبة عباد الشمس الصالحة!
. هاوارا…ربيعه چيه؟!
قيرینا من بئ فئيده يه
مةچن گةلى چادر ل پئ چادرئ تبى دار و بةرئ چيا
من پرس كر ژ دكاندارا
گؤ هةمى ل هيفيا معلانه
ژ بةر كبريتى و دةرمانا هاوارا*…
ما قيمة ربيعة؟!(الصرخة التي تستخدم للنجدة او الامتعاض)
صرخاتي دون فائدة لا تذهبوا اليها يامـلة الايزيديين
خيمة بجنب خيمة كأحجار واشجار الجبال
سألت عنكم من اصحاب الدكاكين
اخبروني ان الجميع بانتظار “المعلان”
ليوزع عليكم الكبريت والسماد.