ستوريقصص صحفية

من الرماد إلى الخُضار: دليان المازني يحوّل الألم إلى حدائق ويؤسس فريقًا لتزيين الحياة

برعاية دولة رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني المحترم وضمن المبادرة الوطينة لتنمية الشباب، تنفذ ”مؤسسة ايزيدي 24 الإعلامية” هذه المادة ضمن مشروع ”نبذ خطابات الكراهية والحفاظ على التنوع” بالتعاون مع المجلس الاعلى للشباب ودائرة المنظمات غير الحكومية.

 

ايزيدي 24 – حسام الشاعر

“الخُضار هو أكسجين الأرض، فستان عرسها، وكُحل عينيها. هو لون الصحة والراحة النفسية، وترجمة الحياة والوجود. لذا سأبذل جهدي لأعيد مدينة الزيتون إلى شبابها… خضراء، وأجعل كل فصولها ربيعًا”.
بهذه الكلمات المفعمة بالشغف، بدأ دليان المازني حديثه عن رحلته مع التحدي والحلم.

ولد دليان مازن عام 1992 في الموصل – نينوى، وهو من سكان بحزاني التابعة لناحية بعشيقة. خريج الدراسة الإعدادية – الفرع الأدبي، وشاعر وفنان في تصميم الحدائق والديكورات بأساليب حديثة. خاض معركته الخاصة ضد التلوث البيئي وآثار الخراب الذي خلفه تنظيم داعش الإرهابي خلال احتلاله للمنطقة.

بداية الرحلة: مدينة الزيتون بلا زيتون

بعد عودته إلى بلدته عام 2017، صُدم المازني بمشهد لا يُنسى: بحزاني، المعروفة بـ”مدينة الزيتون”، باتت خاوية من أشجارها، والخُضرة فيها صارت رمادًا.
يقول: “وقفت وسط هذا الدمار، وقلت في نفسي: هذه اللوحة الكئيبة تحتاج لفنان يعشق الألوان والطبيعة… حان الوقت لأترك أثرًا لا يزول”.

الخطوة الأولى: الإبرة دون خيط

لم تكن البدايات سهلة، كما يروي دليان: “كانت الفكرة تولد داخلي، لكنني لم أملك الأدوات ولا رأس المال ولا فريق العمل. ومع ذلك، لم أتراجع. استأجرت الأدوات، واتفقت مع العمال أن يتقاضوا أجورهم بعد انتهاء كل مشروع، وبدأنا من هناك”.

فرصة عبر الفيسبوك… ثم خيبة

أعمال دليان لاقت رواجًا محليًا، وانتشرت صوره عبر وسائل التواصل، حتى رصدته بلدية بعشيقة وطلبت العمل معه بأجر يومي، على أمل توقيع عقد دائم لاحقًا.
ساهم مع البلدية في إعادة إحياء عدد من الحدائق العامة، لكن اسمه لم يُدرج في كشوف العقود الرسمية.
يقول: “كنت أعمل بكل طاقتي، مؤمنًا بأن منطقتنا تستحق أن تكون معرضًا مفتوحًا للجمال، لكن الصدمة كانت قاسية حين لم يُثبت اسمي ضمن الكادر”.

لحظة الانكسار… ثم النهوض

عاش دليان خيبة أمل عميقة، اضطرته إلى ترك حلمه مؤقتًا وافتتاح كافيه صغير في المنطقة الصناعية ليكسب قوت يومه. لكنه لم يرتَح.
“كان هناك صوت داخلي لا يصمت، يردد في أذني: انهض. انهض من جديد. وكنت أختنق يومًا بعد يوم حتى قررت العودة إلى حلمي”، يقول المازني.

تأسيس فريق خاص: “دليان المازني للحدائق والديكورات”

قرر أن يبني حلمه بيديه، فأسس فريقًا متخصصًا بتصميم الحدائق والديكورات بأسعار مناسبة يشمل المنازل، والمزارع، والمقرات، والدوائر الرسمية.
نشر إعلانًا على الإنترنت، وانهالت عليه طلبات الانضمام. وظّف أكثر من 20 شخصًا من عوائل متعففة، ليكون المشروع مصدر رزق للكثيرين.

“نحن لا نكتفي بالزراعة فقط، بل نقدم جميع خدمات الحدائق: من قصّ الآس بأشكال هندسية، إلى صب الدنك، وتسييج الأراضي، وتصميم الحدائق الحديثة”، يوضح المازني.

الحلم يكبر… والمنصات تشهد

بعد تنفيذ مئات المشاريع في نينوى، فكّر دليان في إطلاق محتوى رقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لشرح أسرار الزراعة والديكور، وتثقيف الناس حول النباتات، وتصميم الحدائق، وحلول تلف الثيل، وغيرها من المواضيع المفيدة.
وبالفعل، تحقّق أول أهدافه، حيث وصلت أعماله إلى وسط وجنوب العراق عبر قناته على تيك توك.

رسالته: من الفشل تولد الحياة

يختم دليان قصته برسالة أمل:
“الفشل ليس نهاية، بل بداية جديدة. فشلتُ مرات عدة: في الدراسة، وفي العمل، وفي بناء مشروع. لكنني لم أستسلم.
النبات لا ينمو إلا بصبر ومطر ونور وتربة صالحة. وأنا كنت ذلك النبات الذي لم يكفّ عن النمو”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى