تقارير

سنجار تحت الرماد.. كيف تؤثر صناعة الفحم على الحياة والبيئة ؟

ايزيدي 24-مشعل نواف 

يتأثر العالم أجمع بالتغيرات المناخية، ويعتبر العراق خامس دولة تأثراً بهذه التغيرات، حيث نرى ان جميع الدول تسعى للأهتمام بالمساحات الخضراء والطاقة النظيفة، إلا انه عند البعض في سنجار نرى وجهٌ آخر، حيث يقوم الناس في عدة مناطق في جبل سنجار بصنع الفحم من أشجار الجبل وهو عمل مهدد للبيئة ومساهم لزيادة التغيرات المناخية.

وعن ذلك، تحدث الناشط المدني “سعد حمو”، وهو مهتم بالبيئة، لــ “ايزيدي 24″، وقال “اتذكر قبل حوالي عقد من الزمن كانت هناك اكثر من 45 عين ماء في جبل سنجار عدا الينابيع الموجودة، والآن لم يتبقَ منها سوى 4 او 5 عيون، جفاف هذه العيون بالتأكيد يرجح سببها إلى ظهور التغيرات المناخية في سنجار”.

وأشار “حمو” إلى انه “حدث نقص كبير في الأشجار الموجودة في الجبل لنفس السبب، كما ان سابقاً تستطيع الحصول على المياه اثناء حفر بئر لعمق 20 متراً اما الآن يجب ان تحفر لأكثر من 60 متراً لتحصل على المياه الجوفية، كما حصل نقص في عدد الطيور والحيوانات التي كانت موجودة في الجبل واليوم يكاد ان لا نرى هذا التنوع او يكون عددهم قليل جداً”.

واضاف “حمو” انه “قل الانتاج الزراعي ايضا في المنطقة من محاصيل القمح والحنطة مثلاً، وقل عدد الرعاة من الناس الذين كانوا يرعون الأغنام في المنطقة بسبب التصحر الذي يحصل في المنطقة، كل هذه دلالات واضحة على ظهور تأثير التغيرات المناخية في سنجار”

قطع الاشجار الخضراء

ويرى “حمو”، بأن “هناك القليل من يهتمون بالبيئة، وقليل مَن يرمي علب البلاستيك والأوساخ في الحاويات والأماكن المخصصة لها وهذه ظاهرة سيئة جداً يجب علينا ان نكون واعيين اكثر تجاهها لأن البلاستيك لها تأثير سلبي جداً على البيئة”.

اما فيما يخص ظاهرة “صنع الفحم” في سنجار، قال “حمو”، “للأشجار أهمية كبيرة في حياتنا وعلى البيئة، كونها مصدر مهم لأنبعاث الأوكسجين وتقوم الأشجار بخزن المياه في الشتاء وبهذه الطريقة تزداد كمية المياه الجوفية، إن عملية قطع الأشجار وحرقها ليصنع منها الفحم تعني تدمير البيئة وانعدام الحياة، وانعدام الأشجار يقابلها انعدام المياه الجوفية وبالتالي قلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة والتصحر ونتائج هذا العمل ستكون وخيمة جداً على بيئة سنجار في المستقبل”

يردف “حمو”، قائلا “لا يمر يوم دون بيع على الأقل حوالي 1000 كيس من الفحم في أسواق سنجار وكل كيس من الفحم يقابله على الأقل حرق شجرة واحدة، مما يعني قطع وحرق 1000شجرة يومياً”.

و”أضاف” “حمو”، “نسمع من يعمل في صنع الفحم بأنهم يجمعون الأشجار اليابسة فقط بسبب الجفاف والتصحر لكن هذا الكلام غير صحيح ابداً، حيث قبل فترة زرت منطقة في الجبل ونظرت حولي كان هناك عدد ليس قليل وليس اقل من مائة شجرة من الأشجار الخضراء مقطوعة مما يعني انهم يقومون بقطع الأشجار الخضراء وبعدما تجف هذه الأشجار يقومون بحرقها ويصنعون منها الفحم”.

ويشير “حمو” الى ان “من يعملون في مجال صنع الفحم ليس بسبب الفقر بل أصبحت تجارة رابحة، ولا يدركون مدى خطورة هذا العمل على البيئة ومدى تأثير الدخان الناتج من حرق الفحم على صحتهم، وللأشجار قدسية في الدين الأيزيدي وقطع الأشجار شيء مخالف لتعاليم ديننا، لكن هؤلاء الأشخاص لا يهتمون لقانون حفظ الاملاك العامة ولا للتعاليم دينية التي تحرم قطع الأشجار”.

ويقترح “حمو” عدة طرق للحد من ظاهرة قطع الأشجار، منها:

1- من خلال رجال الدين وتوضيح قدسية الاشجار من الجانب الديني ولما لها أهمية في حياتنا.
2- من خلال المنظمات التي تهتم بالبيئة والتنمية المستدامة يمكن ان يتواصلوا مع اولئك الأشخاص ويوضحون لهم تأثير هذا العمل وتأثير قطع الأشجار على البيئة.
3- من خلال الشرطة المحلية والأمن الوطني في المنطقة حيث يفترض على الشرطة المحلية ان يمنعوا الناس من قطع الأشجار ومن بيع الفحم في السوق كما يفترض على الأمن الوطني اصدار قرار يمنع قطع الأشجار من الجبل.

ختم “حمو” حديثه قائلا، “نتمنى من الجهات الحكومية المحلية ان تمنع عملية قطع الأشجار وصنع الفحم لكون الأشجار تعتبر أملاك عامة، وايضاً نطالب منهم ومن المنظمات المهتمة بالبيئة الأهتمام بالقضايا البيئية لأن سنجار تواجه تحديات بيئية صعبة، لكن للأسف نرى تقصيرا واضح من قبل الجهات الحكومية تجاه هذه الظاهرة”

قطع الاشجار في جبل سنجار

وفي لقاء خاص لــ “ايزيدي 24” يقول المواطن “س. م”، وهو يعمل في صناعة الفحم منذ فترة، رفض الكشف عن اسمه، ” نحن نعمل في مجال صناعة الفحم لأننا لا نملك عمل آخر في منطقتنا، كون هذه المنطقة تعتمد بشكل اساسي في اقتصادها على تربية المواشي وصناعة الفحم، التجأنا إلى هذا العمل بسبب قلة فرص العمل ولم نتمكن من الذهاب الى المدرسة بسبب عدم وجود مدرسة في المنطقة فكل هذه الأسباب جعلتنا نتجه إلى هذا العمل”.

واضاف “س. م” لحديثه، “نقوم بجمع الأشجار اليابسة من الجبل ولا نقوم بقطع اي شجرة ما لم تكن يابسة او قد ماتت بسبب الجفاف”.

وعن مراحل صناعة الفحم، يقول “س. م”، “نقوم بصناعة الفحم في جميع مواسم السنة ولكن في الربيع يكون انتاج الفحم افضل، تمر صناعة الفحم بعدة مراحل، حيث نقوم بجمع الحطب والأشجار اليابسة من الجبل ثم نقوم بحفر حفرة نوضعه فيها ونشعل النار ثم نغطي هذه الحفرة بقطع من الحديد وثم نغطي الحديد بأكمله بالتراب بحيث لا يتسرب الدخان من اي ثغرة وتبقى على حالها لحوالي يومين، ثم نقوم بإزالة التراب ويكون الفحم جاهز في هذه المرحلة لتعبئته بالاكياس وبيعه إلى المحلات والتجار”.

وأضاف، “حقيقة لسنا على دراية بأن لصناعة الفحم أي تأثيرات على البيئة، لكن هذا يعتبر عمل تقليدي بالنسبة لنا ومصدر الاقتصاد الاساسي في المنطقة”.

وختم حديثه قائلا، “على الرغم من ذلك نحن مستعدون للتوقف عن هذا العمل في حال وجدنا وتوفر اي فرصة عمل لنا في المنطقة خصوصاً بعد ان اصبحنا على دراية بتأثيراتها السلبية على البيئة من خلالكم، وبهدف تعزيز التنمية المستدامة|.

وقد طالب العديد من الناشطين في وقت سابق في سنجار بضرورة تفعيل قانون يمنع قطع الأشجار من الجبل من قبل الامن الوطني للحفاظ على البيئة والأملاك العامة ولما لها من تأثير سلبي على المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى