المرأة بين الابتزاز والمساومة والاختطاف
برعاية دولة رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني المحترم وضمن المبادرة الوطينة لتنمية الشباب، تنفذ ”مؤسسة ايزيدي 24 الإعلامية” هذه المادة ضمن مشروع ”نبذ خطابات الكراهية والحفاظ على التنوع” بالتعاون مع المجلس الاعلى للشباب ودائرة المنظمات غير الحكومية.

مثنى النهار
في الثامن من آذار، يحتفي العالم باليوم العالمي للمرأة، يوم يُفترض أن يكون مناسبة للاحتفاء بإنجازاتها ودورها في المجتمع، لكنه في كثير من الأحيان يتحول إلى تذكير بواقع مرير تعيشه النساء، خاصة في العراق.
فما بين الطالبة التي تواجه ضغوط الطموح والابتزاز، وربة البيت التي تعاني من العنف الاقتصادي، والأرملة والمطلقة اللتين تتعرضان للمساومة، وصولاً إلى أبشع الجرائم من اختطاف واغتصاب، تعيش المرأة في بيئة مليئة بالعراقيل والاستغلال.
الطالبة: بين الطموح والجدران المغلقة
الطالبة العراقية تواجه بيئة تعليمية مشحونة، حيث لا يقتصر التحدي على التحصيل العلمي، بل يمتد إلى قوى الضغط التي تحاصرها من كل جانب. بين رغبات الأهل، وتوقعات المجتمع، والضغوط الدراسية، تجد نفسها أيضاً في مواجهة ظاهرة الابتزاز، سواء كان عاطفياً أو إلكترونياً أو حتى أكاديمياً. فالمدرسة والجامعة، اللتان يُفترض أن تكونا مساحات آمنة للعلم والمعرفة، قد تتحولان إلى ساحة للترهيب والاستغلال، حيث يُستخدم النفوذ لفرض السيطرة على الطالبات أو التلاعب بمستقبلهن.
ربة البيت: العنف الاقتصادي وسلطة الإنفاق
في ظل العادات والتقاليد السائدة، لا تزال المرأة التي تبقى في المنزل تعاني من أحد أشكال العنف غير المرئي، وهو العنف الاقتصادي. فولي الأمر – سواء كان زوجاً أو أباً أو أخاً – يتحكم في مواردها المالية، ما يجعلها في كثير من الأحيان غير قادرة على اتخاذ قرارات تخص حياتها. يُنفق الرجل كيفما يشاء، بينما تُحرم المرأة من الاستقلال المالي، مما يعزز دائرة التبعية والحرمان.
الأرملة والمطلقة: فريسة مجتمع منافق
تُعامل الأرملة وكأنها لقمة سائغة، تُلاحقها الأنظار والنوايا السيئة، حتى قبل أن يجف تراب قبر زوجها. تُصنف في نظر البعض كـ”ضحية سهلة”، فتبدأ عروض الزواج المشبوهة، والمساومات المبطنة، التي تستغل وحدتها وظروفها. أما المطلقة، فتعاني أكثر، حيث تُحمَّل مسؤولية فشل زواجها، وتُعامل وكأنها خارجة عن النظام الاجتماعي. نظرة المجتمع لهاتين الفئتين تفضح نفاقه، حيث يُرفع شعار احترام المرأة، بينما تُمارس ضدها كل أشكال المساومة والابتزاز العاطفي والاجتماعي.
الاختطاف والاغتصاب: الجريمة التي لا تُغتفر
لكن كل هذه الانتهاكات تتضاءل أمام الفظائع التي تعرضت لها النساء الإيزيديات منذ الثالث من آب 2014، حين اجتاح تنظيم داعش مناطقهم، وخطف الآلاف منهن، ليتم بيعهن في أسواق النخاسة، وتعذيبهن بوحشية لا يمكن تخيلها. عشر سنوات مرت، وما زالت هناك نساء مفقودات، وأخريات يعشن كوابيس لا تنتهي. رغم محاولات إعادة تأهيل الناجيات، تبقى الآثار النفسية والاجتماعية لهن ولعائلاتهن عميقة، وسط تقصير واضح في إعادة دمجهن وضمان حقوقهن.
المطالبة بالعدالة لا تزال قائمة
في اليوم العالمي للمرأة، لا يكفي أن نرفع الشعارات، بل يجب أن يكون هناك تحرك حقيقي على المستويات الدولية والمحلية والإقليمية لكشف مصير المختطفات، وتأمين حياة كريمة للناجيات، وضمان عدم تكرار هذه الجرائم مستقبلاً. فحقوق المرأة ليست مجرد كلمات في يوم احتفالي، بل قضية إنسانية تتطلب محاسبة الجناة، وإنصاف الضحايا، وإصلاح المجتمعات التي تسهم في تهميش المرأة واستغلالها.
إن المرأة العراقية، رغم كل ما تواجهه، لا تزال صامدة، تناضل من أجل حقوقها، وتطالب بكرامتها. وفي هذا اليوم، لا نحتفي فقط بوجودها، بل نجدد العهد على الدفاع عنها، حتى تصبح العدالة والإنصاف واقعاً ملموساً وليس مجرد حلم مؤجل