ستوريقصص صحفية

صفية إلياس، صوت الفن وسط صمت سنجار

برعاية دولة رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني المحترم وضمن المبادرة الوطينة لتنمية الشباب، تنفذ ”مؤسسة ايزيدي 24 الإعلامية” هذه المادة ضمن مشروع ”نبذ خطابات الكراهية والحفاظ على التنوع” بالتعاون مع المجلس الاعلى للشباب ودائرة المنظمات غير الحكومية.

ايزيدي 24 – بسام جيجي

في قرية هادئة بناحية سنوني في سنجار، غرب محافظة نينوى، وُلدت صفية إلياس ميڤان عام 2005. في هذه المنطقة الإيزيدية التي شهدت آلامًا وتحديات استثنائية، نمت موهبة صفية كزهرة برية تتحدى الصخور. منذ طفولتها المبكرة، كانت تخطو خطواتها الأولى نحو عالم الفن، ممسكة بقلم رصاص في يدها الصغيرة، لترسم عوالمها الخاصة التي تحمل في طياتها أحلامها وآلامها.

في سن الثامنة، اكتشفت صفية أن الرسم ليس مجرد هواية، بل ملاذ يحتضن مشاعرها العميقة. باستخدام أقلام الفحم والخشب، كانت تخلق لوحات تعكس تناقضات روحها، ظلال داكنة تروي قصص الوحدة والكآبة، ولمسات ضوء تحمل بصيص الأمل. لوحاتها، التي غالبًا ما تصور وجوهًا بشرية أو مناظر طبيعية رمزية، تحمل طابعًا تأمليًا يتجاوز سنوات عمرها القليلة. “الرسم بالنسبة لي هو صوتي الداخلي،” تقول صفية، “إنه المكان الذي أكون فيه أنا، دون قيود.”

لكن الفن لم يكن الملاذ الوحيد لصفية؛ في عام 2017، وفي خضم التحديات التي واجهتها هي ومجتمعها بعد مأساة الإيزيديين، وجدت في الكتابة وسيلة أخرى للنجاة. “الكتابة كانت المنقذ الوحيد،” تصفها، بدأت تدوّن أفكارها ومشاعرها، مرتبة الفوضى الداخلية في كلمات صريحة ومؤثرة. كتابها الأول، “كل ما شعرت به”، صدر كمجموعة من النصوص النثرية والخواطر التي تحكي عن الحزن، الفقدان، والأمل في التعافي. كل كلمة فيه كانت بمثابة اعتراف شخصي، وشهادة على قوتها في مواجهة الصعاب.

ترتبط أعمال صفية، سواء كانت لوحة أو نصًا، بخيوط وثيقة مع تجربتها الشخصية ومعاناة مجتمعها. سنجار، التي عانت من ويلات الحرب والتهجير، تظهر كخلفية غير معلنة في إبداعاتها. إحدى لوحاتها المميزة، التي تصور امرأة إيزيدية تحمل طفلاً وسط أنقاض، أثارت إعجاب من شاهدوها في معرض محلي صغير نظمته منظمات شبابية في المنطقة. هذه اللوحة، كما تقول، لم تكن مجرد رسم، بل “صرخة صامتة” لرواية قصة شعبها.

اليوم، وهي طالبة في الصف السادس الإعدادي – الفرع الأدبي، تواصل صفية مسيرتها بتصميم لا يلين. رغم الظروف الاقتصادية الصعبة وقلة الفرص الفنية في منطقتها، تؤمن أن الاستمرارية هي سر بقائها. “أريد أن أترك أثرًا،” تقول بحزم. “لوحة واحدة، كتاب واحد، أو حتى فكرة واحدة يمكن أن تغير شيئًا في قلب شخص ما.”

تطمح صفية بتطوير موهبتها، وتحلم بيوم ترى فيه أعمالها معروضة في صالات عالمية، تحمل معها قصص سنجار إلى العالم. لكنها، فوق كل ذلك، تريد أن تظل صادقة مع نفسها. “الفن ليس لإرضاء الآخرين،” تؤكد، “إنه لفهم أنفسنا.”

صفية إلياس ميڤان ليست مجرد فنانة شابة؛ إنها صوت يرتفع من قلب سنجار، يحمل في طياته الألم والجمال، اليأس والأمل. من خلال كل خط يرسم وكل كلمة تكتب، تواصل رواية قصتها، ومعها قصة شعب يتشبث بالحياة والإبداع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى