Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء

السوداني يهمل جراح الإيزيديين ويركض لترشيح ترامب… والإعلام يتجاهل نادية مراد ويتسابق خلف ضجيج السياسة

 شاكر خدر 

ضياع البوصلة

 

رئيس وزراء ينصرف للرمزية ويتجاهل المأساة في بلد مثقل بالمآسي، يصبح من المستغرب — بل المثير للغضب — أن ينشغل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بملف خارجي لا يحمل أي أولوية وطنية، وهو “ترشيح ترامب” لنيل جائزة نوبل، بينما تستمر واحدة من أعمق الجراح الإنسانية في العراق بلا حلول ولا اهتمام. تحوّل هذا التصرف إلى محور جدل واسع، وتكفّل الإعلام العراقي بتضخيمه وتكراره، حتى بدا وكأن السوداني قدّم للعراقيين إنجازاً سيغير واقعهم، بينما الواقع أكثر إيلاماً من كل ذلك الضجيج السياسي.

بين ترامب ونادية… أيّ بوصلة هذه؟

 

من المفارقات الصادمة أن يجري هذا الاندفاع نحو ترامب من قبل رئيس الوزراء والإعلام، في وقتٍ حصلت فيه العراقية الإيزيدية نادية مراد على جائزة نوبل للسلام أصلاً، بوصفها شاهدة حيّة على الإبادة التي تعرّض لها مكوّن كامل من أبناء بلدها. ومع ذلك، لم يُظهر الإعلام اندفاعاً مماثلاً نحو نادية، ولم تتزاحم القنوات لمتابعة نضالها، ولم يظهر السوداني يوماً بهذا القدر من الحماسة لمعالجة مأساة الإيزيديين أو تبنّي حقوقهم. كيف تُهمل قصة نادية، وهي ابنة العراق ووجه إنساني عالمي، بينما يصبح ترشيح سياسي أجنبي لرمزية جوائز نوبل خبراً يتصدّر ويُعاد ويُناقش بلا توقف؟ إنه خلل في الأولويات، وفشل في فهم معنى المسؤولية تجاه الضحايا قبل الاستعراض أمام الخارج.

 

قضية الإيزيديين: مأساة قائمة في الظل

أكثر من نصف الشعب الإيزيدي لا يزال يعيش في المخيمات، ينتظر حياة طبيعية تليق بإنسانيته. سنجار ما تزال معلّقة بين الصراع السياسي والعسكري، بلا استقرار، بلا إعمار، وبلا ضمان للعودة الآمنة. ومع ذلك، لا يجد هذا الملف موقعاً واضحاً في أجندة السلطة، رغم أنه واحد من أكثر الملفات إلحاحاً وعدلاً وضرورة. هذه المعاناة ليست جديدة، ولا تحتاج إلى اكتشاف أو دليل إضافي؛ إنها جرح مفتوح منذ سنوات، لكن الدولة، وعلى رأسها رئيس الوزراء، تضعه في أسفل قائمة الاهتمامات، وكأنه تفصيل ثانوي لا يمسّ جوهر مسؤوليتها.

 

إعلام يُهمل الداخل ويطارد فقاعات الخارج

عوضاً عن الوقوف إلى جانب الضحايا، اختار الإعلام العراقي الانجراف خلف ضجيج الترشيحات السياسية، مقدّماً ملفات هامشية على حساب قضايا إنسانية حقيقية. وهكذا أصبحت القنوات تتنافس في تحليل “ترشيح ترامب”، بينما لا يجد النازح الإيزيدي منبراً يحمل صوته، ولا يجد المقهور في سنجار من يرفع قضيته إلى الرأي العام.

خاتمة: العدالة تبدأ من الداخل، لا من واشنطن

 

إذا كان هناك سلام يستحق جائزة، فهو هنا في العراق: في المخيمات التي يعيش فيها الإيزيديون، في المدن المنسية، وفي الجراح التي لم تُعالَج بعد. السوداني لا يُطالب بالمستحيل؛ يُطالب فقط بالنظر إلى آلام شعبه قبل الالتفات إلى الخارج. والإعلام لا يُطالب بالمعجزات؛ يُطالب بأن يكون مرآة لوجع الناس، لا صدى لضجيج سياسي عابر. فالسلام الحقيقي لا يُصنع بترشيحات رمزية، بل بإحقاق حقوق الضحايا، وإنهاء المأساة التي يعيشها مواطنون فقدوا كل شيء وما زالوا ينتظرون مجرد اعتراف صادق بآلامهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى