اراء

ظاهرة النفاق والتزلف في المجتمع

عالية بايزيد

يقول الاديب الروسي الكبير مكسيم غوركي ” الورقة التي لم تسقط في فصل الخريف ؛ خائنة في عيون اخواتها ؛ وفية في عين الشجرة ومتمردة في عيون الفصول “.
وهكذا في الحياة كل منا يرى الموقف من زاويته . وكل زاوية لها مشهد خاص وتحليل مختلف كورقة غوركي الخريفية . فالحقائق كما يقال هي نسبية وليست مطلقة ، وما اراه مناسبا قد يراه غيري العكس ، وبالتالي فان اختلاف الرؤى هي حالة انسانية عامة طبيعية تختلف تبعا للمصالح الذاتية او الشخصية للفرد .
الا ان هناك البعض ممن يقلبون الحقائق لصالحهم ، يتخلون عن مبادئهم بقلب الموازين دون اي تأنيب للضمير بوسائل عدة منها الكذب او الخداع او النفاق او مايسمى بالنفاق الاجتماعي لغايات ، اولا يحيطون بكل الزوايا وابعادها فيحللون من زاوية ضيقة بما يحقق لهم مكاسبهم ومصالحهم من اجل وجاهة اجتماعية والتقرب من اسيادهم .
ولا يخفى ان الحياة اصبحت مليئة بما يدعو الى القلق ، بين مايريده الفرد ويتمناه وبين الواقع ومتطلباته ، فيلجأ البعض من الانتهازيين الى التزلف والتقرب من اصحاب السلطة والحكام بالمديح والتملق والاطراء طمعا في الحصول على الرضا والتقرب من اصحاب القرار .
ولنا في التاريخ عشرات بل مئات القصص عن هؤلاء الذين كانوا يعيشون في قصور الملوك والخلفاء والرؤساء وكل ماكان مطلوبا منهم هو بعض المداهنة والنفاق والتزلف ومدح اصحاب النفوذ والسلطة وتبرير تصرفاتهم في سبيل الحصول على الرضا والتقرب في المكانة من الحكام .
وفي مجتمعنا تكثر مثل هذه النماذج التي تسعى لهذا النوع من الاسترزاق . من اجل ارضاء هذا الشخص او ذاك من اجل الوصول الى غاياتهم ومبتغاهم ، لا بل باتت مهنة لهؤلاء الفئة من البشر وهي مهنة مجزية ماديا .
لربما قد يضطر الواحد احيانا الى ان يساير الواقع المرير ويطأطأ راسه ويتغاضى عن النظر او يتقرب زلفى لامر ما ، فلا توجد شجرة لم يهزها ريح ولا انسان لم يهزه الفشل ولكن ليس الى حد المداهنة واظهار ما لا يبطنون وبيع الضمير دون اي تأنيب .
فكم نحتاج من الجرأة والمصداقية لفضح هؤلاء وهم مكشوفون في كل الاحوال ، وتعيين مواطن الخلل ومعالجته واقتلاعه من جذوره .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى