Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء

حين تُبنى العلاقات على أساس الدين أو المبدأ؛ إيزيديًا كان، عربيًا ، كرديًا أم مسيحيًا، يصبح الصراع حتميًا.

 د.طارق قاسم 

 

منذ تكوين الدولة العراقية وحتى اليوم، يعيش العراق صراعًا جذريًا مستمرًا؛ صراعًا يجعل البعض يكره، ويُكفّر، ويقتل، وكأن ذلك أصبح أمرًا مبررًا، ومع شديد الأسف تمارسه وتحتضنه بعض الحكومات العراقية منذ إنشاء الدولة العراقية وإلى يومنا هذا. فهل هذه ثقافة الشعب العراقي فعلًا؟ أم أن هناك أيادي خفية، دينية أو سياسية، داخلية أو خارجية، تغذّي هذا الانقسام وتدفعه إلى أقصى درجاته؟

كلّ شخصٍ تقريبًا لديه أصدقاء وذكريات.أصدقاء عاشرهم في محافظات مختلفة، وأصدقاء رافقوه خلال سنوات الجامعة في الموصل، سنوات طويلة مع أناس من مختلف الأديان والمذاهب، بل وحتى من دول أخرى، والاكثرية في الخدمة العسكرية من الفاو إلى زاخو، صداقةٌ لا تزال موجودة لدى الكثيرين، وتواصلٌ مستمرّ لدى الأغلبية.و لا يخفى ، كان هناك من يقسم بمقدسات الإيزيدية (البرات)، لأنه كان يعيش في القرية نفسها، في حياة يومية مشتركة لم تكن تعرف هذا الكم من الكراهية.

هؤلاء الذين كانوا أصدقاءنا، وربما ما زالوا، والذين أقسموا يومًا بمقدساتنا، ليس من السهل أن نمحو كل هذا التاريخ مع أناس طيبين (ويُستثنى من ذلك من عمل مع المنظمات الإجرامية). فنحن في النهاية، جميعًا، أهل هذا الوطن.من الناحية الفكرية، تقع المسؤولية على جميع الأطياف دون استثناء، ولكن المسؤولية الأخلاقية والقانونية والإنسانية تقع فقط على عاتق الدولة العراقية، بحكوماتها المتعاقبة،أن يُعامَل الإنسان على أساس الوطن والإنسانية، لا على أساس الدين، العقيدة ، المذهب،او المناطقية، لأن هذه التصنيفات كانت، وما زالت، سببًا مباشرًا لكل مآسي الأقليات في العراق وبالاخص الايزيدية.فهل سنصل إلى مرحلة نقرّر فيها ألّا نتعامل مع أحد؟ هل اللاعودة ممكنة؟ احد الأصدقاء احب شعر محمود درويش، فهل يعني ذلك أنه فلسطيني؟وإذا عشق شعر نزار قباني، فهل يصبح دمشقيًا؟

لنكن صريحين، فهذا الوقت زمن الحقيقة.نعم، كانت هناك خيانة، ولكن ليس من الجميع. وكان هناك خذلان، نعم، ولكن ليس من الأغلبية.إذا ، إلى متى سنبقى أسرى سؤال المذهب والدين والقومية؟إلى متى سنبحث عن حرّيتنا في كل بقعة من العراق؟هل هذا ممكن؟ (ربما لا في الحاضر، ولا في المستقبل القريب)، لكن الاعتراف بالمشكلة هو الخطوة الأولى. التعامل مع الإنسان على أساس دينه أو قوميته هو أساس الصراع، وأحد أشكال التخلّف.اعبد ما تشاء، أو لا تعبد، وإن كنت لا تؤمن، فهذا حقك الكامل.القومية، واللغة، والعقيدة تُختار ولا تُزرع بالقوة، ولا يجوز فرضها بتاتًا.كما يجب أن يُحرَّم قانونًا أي ترحيل قسري من مكان إلى آخر تمارسه الدولة نفسها، فالإنسان حرّ في أن يختار العيش في الجبل أو في السهل، وكما لا يجوز فرض التهجير، لا يجوز أيضًا فرض بقاء المرء في مكانٍ ما بحجّةٍ ما.دعوا الناس تعيش أينما شاءت ،وهذه، مع شديد الأسف، إمّا تمارسها الحكومة أو تغضّ الطرف عنها.فلنَعِش معًا دون تركيبات عشائرية، أو حزبية، أو تصنيفات مادية أو ثقافية.لننظر إلى جنوب العراق؛ مئات الأحزاب، لكن في اللحظة الحاسمة يصبحون صوتًا واحدًا يجمعهم شيء واحد.

والنظرة ذاتها في الغرب الأوسط، حيث تتعدد الاختلافات، لكن في النهاية الجميع صوت واحد. وكذلك الحال في كردستان؛ أحزاب تتخاصم، لكن حين يتعلّق الأمر بخدمة الناس، يختارون أن يكونوا يدًا واحدة من أجل أهل كردستان.فلماذا لم نتعلّم من هذه التجارب منذ عشرين عامًا؟لماذا لم نتفق خلال عقدين كاملين؟لماذا لا نسامح بعضنا، ونستفيد من التعددية الحزبية، ونقبل رأي الآخر، بل ندرسه،ثم نصل في النهاية إلى صوت واحد للجميع؟ ليكن الشعار: خدمة الناس، لا قيادة الناس. فأن تقود الناس بلا خدمات، كأنك تقود قطيعًا من البقر لن يتعلّم ولن يستفيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى