تقارير

وفق مؤشرات الإجهاد المائي العالمية.. الجفاف والعطش يهددان العراق

ايزيدي 24 عن وكالة اليقين 

مازال العراق يعاني من ضعف الإدارة وانعدام الرؤية الاستراتيجية للتخلص من الأزمات المتكررة في ظل حكومة لا تمتلك سوى ادواتها الفاسدة التي تسيطر على مفاصل الدولة العراقية.
وتستمر معاناة سكان المحافظات العراقية بالفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي والمائي والتهديدات الأمنية المتكررة، التي تهدد أمن وسلامة المجتمع.
واليوم يعاني العراق من مشكلة خطيرة تُعرف الاجهاد المائي الذي يُخدد من خلال نسبة الطلب على المياه إلى الإمدادات المتجددة، والمنافسة على موارد المياه المحلية.
وتشير الدراسات العلمية، إنه كلما ضاقت الفجوة بين العرض والطلب، كلما أصبح المكان أكثر عرضة لنقص المياه، فالبلد الذي يواجه “الإجهاد المائي الشديد” يعني أنه يستخدم ما لا يقل عن 80% من إمداداته المتاحة، ويعني الضغط المائي المرتفع أنه يسحب 40 % من إمداداته.

 

العراق في خطر

حلّ العراق بحسب آخر تقرير صادر عن معهد الموارد العالمي، ضمن المنطقة الحمراء في مؤشر الإجهاد المائي بالمرتبة 23 عالميا من أصل أكثر من 160 دولة، فيما جاءت البحرين بالمرتبة الأولى عالميا، ومن ثم قبرص والكويت ولبنان وعمان وقطر والإمارات والسعودية.
وتستهلك هذه الدول بضمنها العراق أكثر من 80 بالمئة من إيراداتها المائية، وأن حجم استهلاك المياه خلال سنوات سيكون أكبر من الإيرادات المائية، وبالتالي لا يوجد ما يكفي من المياه للدول الخمس والعشرين الموجودة في المنطقة الحمراء.
وفي هذا الصدد يؤكد مختصون أن العراق يعيش وسط الظروف الحالية المتمثلة بشح الواردات المائية ووضعه في المنطقة الحمراء، يقف أمام خطر جسيم سيداهمه في المستقبل، إذا لم يشهد حلولاً حقيقية وناجعة في ملف المياه، ولم تتم معالجة الفشل في ادارته، ولم يحظ باهتمام صانعي القرار.
ويقول المستشار السابق لدى وزارة الموارد المائية، ظافر عبد الله، إن هناك معايير مختلفة تستخدمها المنظمات في حساب المؤشر، وتقود الى حقيقة أن العراق ذاهب باتجاه مؤشرات ما تحت خط الفقر المائي.
ويؤكد عبدالله، أن هذا المؤشر وغيره من تصنيفات مختلفة، لا تبعث على الطمأنينة، في ظل هذه المعدلات من الايرادات، والسياسات الداخلية التي لا تحترم هذه الثروة، علاوة على سياسات دول الجوار التي لا تعير اهمية لحاجة المواطن العراقي، محذرا من استمرار الوضع بهذا الشكل.
وأضاف، أن الفقر المائي مزعزع للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي ويؤثر على حياة الناس، وأن هناك خطرٌ سيداهم العراق قريباً، في ظل وجود سيناريوهات مختلفة (أحلاها مر)، على حد وصفه.
وأشار عبدالله، إلى أن، السنوات الاربع الماضية، لم يسبق أن تعرض لها أحد، سواء العراق أو دول المنطقة، من ناحية شح واردات نهري دجلة والفرات، وانخفاض التساقط المطري في الحوضين.
ولفت الى أن الزراعة هي أولى القطاعات المتأثرة، داعيا الى التوجه نحو الري المغلق ورفع مستوى الاهتمام به بالنسبة للحكومة؛ فالخطر الذي يواجهه العراق يحتم على الحكومة والجهات المعنية ان تأخذ الموضوع بجدية اكبر، واحترام الثروة المائية في كل الاستخدامات.

 

جفاف البحيرات

مع تزايد حالة الجفاف وانحسار المخزون المائي، فضلاً عن قلة الامطار والريات المطرية، ماتزال حكومة بغداد عاجزة عن إيجاد الحلول اللازمة والناجحة للخروج من هذه الأزمة التي ستنعكس سلباً على المجتمع العراقي.
وفي السياق اعترف وزير الموارد المائية، عون ذياب، أنَّ وزارته وفي ضوء البيانات المتوفرة عن كميات الخزين المائي للبلاد وما تطلقه دول الجوار إلى احواض الأنهر الواصلة منها للعراق، لا يمكنها حالياً توجيه المياه إلى بحيرتي الثرثار والحبانية اللتين جفتا بشكل شبه كامل.
وقال ذياب في تصريح صحافي إن بحيرة الحبانية تعاني من حالة جفاف تصل إلى 100 بالمئة، ما تسبب بتراجع أعداد السياح الوافدين لزيارة مدينتها السياحية.
واضاف أنَّ ما يتم اطلاقه حالياً من سد حديثة في محافظة الأنبار لتوليد الكهرباء منه، إلى حوض نهر الفرات في البلاد، أقل من 225 م3/ثا، فيما لا تتجاوز كميات الحصص المطلقة من تركيا حالياً إلى النهر ذاته عن 210 م3/ثا، ما يعني أن خزين العراق المائي شحيح أصلا، للحفاظ على منسوب نهر الفرات بحده الأدنى.”
وبالتحليل الرقمي للأرقام المعلنة، فهذا يعني ان العراق يستهلك من الفرات مياها اكثر من المياه التي تصله، أي أن عملية العجز بـ”السالب”، وبنسبة 7%، مما يعني أن العراق يأتيه يوميا 18.1 مليون متر مكعب، بينما ينفق يوميًا اكثر من 19.4 مليون متر مكعب، أي أن العراق يستهلك 1.3 مليون متر مكعب يوميا من مياه الفرات دون وجود ما يعوضه.

 

فشل الإدارة المائية

وعلى صعيد ذي صلة، قال خبير السياسات المائية، رمضان حمزة، إن المؤشر العلمي يقاس من خمس درجات والعراق وصل بالفعل الى 4.7، ويصل عاما بعد اخر الى مستويات اسوأ من ذي قبل، وأن هذا التدهور في في الملف المائي منسي، على حد وصفه.
وأضاف، ملف المياه في العراق لا يحظى باهتمام الجهات الحكومية، وحتى المجلس الوطني الذي تم تشكيله لا يعّد فعالاً، وكذلك الحال بالنسبة لإجراءاته غير المجدية مثل رفع احواض الاسماك والتجاوزات التي يجب أن تكون مرهونة بمدة وتنجز سريعاً.
ولفت حمزة الى، أن المياه قليلة جداً والتلوث فيها أكبر، اضافة الى أن المياه التي تدخل الى العراق ملوثة، وتزداد تلوثاً مثل كرة الثلج عند دخولها، وهذا يعني أن التهديد يطال كمية المياه ونوعيتها، علاوة على ذلك لا يتم ترشيد استهلاك المياه، وهذا ما وضع العراق في المنطقة الحمراء؛ لأن نوعية المياه سيئة وكميتها قليلة، والادارة المائية يمكن وصفها على انها فاشلة.
وأشار، إلى أن إجراءات حكومة بغداد في حفر مئات الابار ما هو إلا حل قاتل وليس حلاً للمشكلة، ولا يعني إنجاز شيء، مؤكداً أن الحلول تكمن في إنهاء الاجهاد المائي والمحافظة على نوعية المياه وسلامتها، وجعل ملف المياه اولوية على صعيد العلاقات مع دول الجوار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى