عقد من الجراح: الإيزيديون في مخيمات النزوح ما يزالون يعانون آثار الإبادة

ايزيدي 24 – ترجمة
تناول تقرير استطلاعي أجراه موقع ستايلست الإخباري البريطاني أوضاع الإيزيديين من النساء والأطفال الذين لا يزالون يقيمون في مخيمات النزوح، وذلك بعد مرور عشر سنوات على الهجوم الذي شنه تنظيم داعش على مناطقهم، وخاصة سنجار. وأشار التقرير إلى أن غالبية النازحين يجدون صعوبة في العودة إلى مناطقهم الأصلية وبناء حياتهم من جديد، بسبب استمرار انعدام الاستقرار والخدمات في تلك المناطق، بالإضافة إلى عمق الصدمات النفسية التي خلفتها جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي تعرضوا لها.
في جولة ميدانية أجراها موقع ستايلست داخل مخيم “إيسيان” القريب من دهوك، والذي يضم نحو 12,000 نازح إيزيدي، أظهرت المقابلات أن معظم المقيمين هناك لا يزالون غير قادرين على العودة إلى سنجار. ويعاني العديد منهم من اضطرابات نفسية متواصلة، رغم مرور عقد على الكارثة التي مزقت مجتمعاتهم وخلفت جروحًا عميقة في ذاكرتهم الجمعية.
وقالت مريم، وهي طبيبة نفسية تعمل مع جمعية “زهرة اللوتس” غير الحكومية والمدعومة من منظمة CARE الدولية، إن مجرد سماع أصوات إطلاق النار يمكن أن يعيد تلك الصدمات، وأكدت أن مجرد التذكير بأحداث الإبادة – حتى بالحديث أو المشاهدة – يشكل عبئًا نفسيًا كبيرًا، فما بالك بمن عاش تلك الجرائم أو نجا منها.
أما فوزية، وهي إحدى الناجيات الإيزيديات والمقيمة في المخيم، فقد روت للموقع البريطاني تجربتها الشخصية، مشيرة إلى أنها كانت في التاسعة عشرة من عمرها عندما اجتاح مسلحو داعش قريتهم في سنجار، حيث سمعت أصوات الرصاص ورأت الجثث ممددة في الشوارع من فوق سطح منزلها. وصفت المسلحين بأنهم كانوا مرعبين وأقرب إلى الوحوش منهم إلى البشر.
اليوم، تعمل فوزية ضمن منظمة خيرية لمساعدة الناجين من أبناء مجتمعها، وتشير إلى أن الموارد المتاحة لا تكفي لتلبية احتياجات الجميع، خصوصًا الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 11 و16 عامًا. وتقول: “هناك حالات أكثر مما أستطيع التعامل معه، ونضطر إلى إعطاء الأولوية للحالات التي تميل إلى الانتحار أو التي تعاني من صدمات أشد”. وأكدت أن الدعم النفسي والاجتماعي الذي تلقته سابقًا ساعدها كثيرًا على التعافي، بل وأعطاها الشجاعة لتتقدم لشغل وظيفة داخل المخيم وتقديم الدعم للآخرين.
يخلص التقرير إلى أن الإيزيديين لا يزالون يعانون من جراح الماضي ويكافحون من أجل التكيف مع واقعهم في المخيمات، وسط غياب الدعم الكافي وصعوبة العودة إلى مناطقهم. وتشير فوزية في حديثها إلى أن “الجميع هنا يحاول منذ عشر سنوات إعادة بناء حياته، ولكن الطريق لا يزال طويلاً”.
من جانبها، قالت مديرة منظمة Women for Women International الدولية، كافين ميرتيخان، إن عددًا قليلاً فقط من الإيزيديين تمكنوا من العودة إلى مناطقهم الأصلية، موضحة أن الدمار الذي لحق بسنجار والغارات الجوية المستمرة في شمال العراق شكّلت عوائق كبرى أمام العودة. وأضافت أن “أهالي سنجار مروا بظروف قاسية ومزمنة، وهم بحاجة إلى وقت ودعم مستمرين لاستعادة الثقة بالعودة إلى ديارهم”. وأشارت إلى أن المنطقة لا تزال رهينة لصراعات مسلحة وإهمال سياسي، مما يجعل فكرة العودة بالنسبة للكثير من النازحين مجرد أمنية بعيدة المنال، وليست خيارًا واقعيًا حتى الآن.