غير مصنف

تلك الجهة الجميلة

 

مراد سليمان علو 

القصيدة (162) من ديوان (قرابين القرى)

إهداء إلى إيزيدي 24 بمناسبة الذكرى السادسة لتأسيسها

 

 

(1)

مساكن الآلهة تقع في الجهة الجميلة

ذات يوم ستسافر مع الملائكة إلى تلك الجهة

ستزور قبر (الشيخ خدر) (1)

الشيخ خدر آخر رئيس لعشيرة القيران

لا تعدّ جدائل النساء القيرانيات المعلقة على القبر

 أشعل فتيلة مغموسة بالدمع وقدّم اللهب قربانا

رافق (العمّ خلف مجّو) (2) في تغريبته لتصافح (شهداء شرقي المحمّرة)

لا تسأل عن عدد شهداء (سيباى)

فأل سيء أن تعدّ الجدائل المقصوصة وتعرف عدد الشهداء

بيوتنا الطينية التي تتوسط المكان

مرسوم على أبوابها أفاع سوداء(3)

لا تخف من الحراس السود

ابحث معها عن شوق (آل إيكان) (4) للرعي

عندما المعيز الجبلية تتسلل بخفة إلى كهوف الآلهة العشاق.

 

(2)

ذات عيد سترافق (شيخ الوزير) (5) في عشق زيارة (سنجق سنجار)

الليلة الأولى ستنزلون في (قصر الأمير أسماعيل جول بك) (6)

در حول (منارة شنكال) سبع مرات عكس اتجاه الساعة

اسأل الوالي التركي

من الذي سرق (طوب رمضان) من جنب المنارة؟

 

 (3)

أقرأ هذه الرسالة على تلاميذ (مدرسة سنجار الابتدائية الثانية للبنين)

أقرأ الرسالة صباح يوم السبت

لا تنسى أن تقرأها وقت الاصطفاف الصباحي حين رفع العلم

كان هناك دوام رسمي في السبوت

ولا تنسى بالله عليك أن تسلم لي على المدير الأستاذ (عبد السلام طه) (7)

وقل لمعلم اللغة العربية الأستاذ (عيسى حليمة) (8)

ما أزال أحتفظ بهديته القيمة

قلم الرصاص ذاك

لأن خطي كان جميلا

لأنني كنت شاطرا في الإنشاء والتعبير.

 

(4)

بعد هجر طويل

عندما تموت كثيرا

سيخطفك الوطن من جديد

يزرعك أغنية صباحية في حنجرة (سيتا هاكوبيان)

ستكتب لنا تلويحه من (هانوفر)

(هانوفر) ليس فيها بساتين تين

لا يقدمون الشاي العراقي المهيّل في مقاهيها

ولا يوجد فيها التلفزيون اليوغسلافي الكبير بالأسود والأبيض

هناك لن نسمع هتافات الناس عندما (عدنان القيسي) يفوز.

 

(5)

وإن بلغت مساكن الآلهة

سيطوون لك مسافات الغربة

وتلك الليالي الباردة التي نمت فيها جائعا

سيعدوّن لك فرامينك في كفك

فرمانا بعد فرمان

(أربع وسبعون) قطعة من الحزن الثقيل

تضعها دفعة واحدة في قصيدة

تطوي القصيدة في جيبك

هي أرثك الوحيد

وتعبر بها ذات ليلة بوّابة (مقبرة كرى كور).

 

(6)

عندما هاجرت إلى المنافي البعيدة

أخذت معك (براتا) من الوادي المقدس

وأدعية أمّك المجبولة بدموعها

وخيط أبيض وأحمر وضعته حول معصمك لصيد أحلام الغربة الرديئة(9)

وبركة أبوك الذي سمح لك بمرافقة (السندباد)

وصلت إلى الدوتشلاند ولم تسلم على (بيتهوفن)

لم تزر صديقك (نيتشه)

ذهبت ملهوفا لتلمس بوّابة عشتار

بكيت بحرقة..

فأودعوك مستشفى المجانين.

 

(7)

هي شنكال يا صديقي

فيها مساكن جميع الآلهة

تحبها كثيرا

فيها خيمة (شرفدين)

تناديك شنكال سرّا

تسري روحك إليها

تأخذ درب الملائكة الذي على اليمين

وحين تكتمل الدبكة

تشعر بالرضا لمعرفتك درب العودة

تشعر بالفرح بدخول المقبرة

حتى لو خانوك الرفاق في رحلتك الأخيرة

حتى لو أحتفظ البحر بجثتك كتذكار.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشيخ خدر: آخر رئيس لعشيرة القيران ـ راجع كتابي المعنون (حكايات من شنكال).

(2) العمّ خلف مجو: حكواتي ذاع صيته في قرى شنكال أثناء الحرب العراقية ـ الإيرانية.

(3) منحوت على باب مزار لالش أفعى سوداء.

(4) آل إيكان: عائلة قيرانية من فخذ الحكرش مشهورة بتربية الماعز الجبلي. راجع كتابي (وجها لوجه مع داعش) لتتعرف على كرم هذه العائلة أثناء الفرمان في الجبل.

(5) شيخ الوزير: وهي رتبة دينية وغالبا ما يرافق (شيخ الوزير) السنجق في موسم طواف السنجق في قرى الأيزيدية.

(6) الأمير إسماعيل جول بك: أحد أمراء الأيزيدية من دم نبيل. ما يزال آثار قصره العالي باقيا إلى الآن في شنكال. حين كانت شنكال هي مركز الإمارة. 

(7) المدير عبد السلام طه: مدير مدرستي الابتدائية التي تخرجت منها. حينها كانت إدارة المدارس الابتدائية تعطي للتلميذ الناجح شهادة جداية وكأنه متخرج من الكلية. ما أزال احتفظ بجداريتي وفي يوم التسليم قال لي مديري: أنت كنت أشطر ثاني تلميذ في المدرسة. أما الأشطر فقد كان صديقي الرائع الدكتور كفاح محمد كاتو. الذي ما أزال أتواصل معه. وكذلك مع بعض الأصدقاء من تلك الفترة الطيبة.

(8) الأستاذ عيسى حليمة: هو معلمي في الصف الرابع الابتدائي ومنه تعلمت الكثير. وكان تشجيعه الدائم لي دافعا لأكون متفوقا في القراءة وكتابة الإنشاء والكتابة بخط جميل. كنت احتفظ بهديته لي (قلم رصاص) في مكتبتي في سيباى إلى يوم الثالث من آب 2014 عندما تركنا كل شيء أثناء اجتياح (داعش) لقرانا.

(9) يسمى ذلك الخيط لغويا بـ (صائد الأحلام) أي حين يضعه الفرد الأيزيدي حول معصمه يحميه من الكوابيس والأحلام السيئة. هذا هو الهدف منه في عيد (باتمزى) الخيط ليس مقدسا وليست علامة للأيزيدياتي كما يذهب البعض.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى