من التراث الايزيدي ، بيادر الخير
الياس نعمو ختاري
الحصاد و المنجل : كان من أجمل المواسم رغم صعوبة ومشاقة العمل ، في موسم الحصاد كان الجميع يعملون معآ كل واحد حسب طاقته وخبرته الحياتية في عمل الحصاد وجني المحصول وخاصة محصول الحنطة والشعير ، العمل الجماعي كان دافعآ قويآ لنسيان التعب وتحمل المصاعب والعمل اليدوي ، التعاون والمساعدة وربط الليل بالنهار كان الهدف من أجل أنجاح موسم الحصاد وتحويل الحصاد من الحنطة والشعير وغيره من الحبوب الى البيادر لأكمال العملية ، الحصاد والمنجل كانت عملية الحصاد تنجز من قبل الرجال وكان هناك رجل صاحب خبرة قوية في عملية الحصاد يسمى بالملك أي ملك الحصادين حيث كان يقود عملية الحصاد وكان على الأكثر يوجد بين الرجال الحصادين رجل يجيد الغناء يغني أثناء العمل ويزيد من حماس العمال ويزيدهم نشاطآ لأنتاج أكثر من الحصاد ، بينما الشابات من النساء كان يقمن بعملية جمع المحصود وراء العمال من الحصادين ، لذلك كان هناك نوعان أو أكثر من المناجل نوع كبير يستخدمها العمال للحصاد ونوع أخر أصغر تستخدمها النساء من العاملات لجمع المحصول المحصود ، نعم كانت للحياة القديمة طعمها الخاص من خلال العمل المتواصل و التعاون بين الجميع بين حقول الحنطة والشعير وصولآ الى بيادر الخير والبركة .
جنجر الجرجر : كان مصدر الخير والبركة في أيام زمانه كان الاباء والاجداد يستخدمونه لسحق قش الحنطة والشعير وفصل الحنطة والشعير من السنابل ، بعد السحق كانوا يقومون بفصل الحنطة والشعير عن التبن وذلك بفضل الهواء انه كان عملا شاقا ومتعبا بل كان عملا جماعيا وذلك بمشاركة جميع أفراد العائلة مع الأصدقاء و الاقارب في عمل جماعي ،حتى الأطفال كانوا يقومون ببعض الأعمال البسيطة في تلكم الأيام من الزمن الجميل . مما تتكون هذه الألة القديمة جنجر /الجرجر : هي الة مصنوع من خشب سميك من طبقتين الى ثلاث طبقات ومثبت بمسامير طويله ذو رأس دائري كبير ولديها من تحت بكرتين طولي من الخشب ايضا ومثبت فيه سكاكين حاده وعريضه لتقوم بتكسير وتنعيم نبات الحنطة أو الشعير الناضج ، ويسحب الجرجر من قبل الحيوانات ، ويجلس فوقه شخص أو اثنان يتولى توجية الحيوانات ، والتي تدور في شكل حلقة دائرية ، وينظم البيدر ، ويوزع القش تحت الجرجر بواسطة المذرات / ملهيب ، يحملها الفلاح بيده ليقوم بتوزيع البيدر على دائرة الجرجر ، حتى يتم تنعيم المحصول ، ثم يجري بعدها فصل الحبوب عن التبن ، بواسطة عملية الذرايه او ديران ، وكان من يجلس على الجرجر يشعر بالمتعة وخصوصا صغار السن ، نعم كانت أيام جميلة ورائعة أيام الجنجر .
فترات الأستراحة : كانت هنالك فترات أستراحة تتخلل تلك العملية وهي أطعام وشرب الماء للحيوانات التي كانت تجر الجنجر و الرجال المشرفون على العملية كانت لهم أستراحة الأكل وأستراحات لف سكائر التتن لتخفيف عبء العمل الشاق والتعب المتواصل على مدى العام .
بيادر الخير – بيدر : البيادر هي المناطق الواسعة من الأراضي القريبة حول و دائر مدائر القرى والأرياف ، كانت تستغل هذه المناطق في موسم الحصاد للأستفادة منها في جمع المحاصيل الزراعية وكانت تسمى بالبيدر جمع بيادر ، من التراث الأيزيدي الجميل والراقي قديمآ كانت البيادر تزدحم بالفلاحيين كل فلاح يأخذ له مساحة كافية من الأرض يضع عليها محصوله لتنظيفه بعد موسم الحصاد . التذرية بالرياح ( ديران ) هي طريقة ظهرت منذ القديم لفصل الحبوب عن القش كما تستخدم أيظآ في أزالة الحشرات عنها ، وهي عملية مباشرة بعد عملية الدرس ، عملية فصل الحبوب والبذور عن القشر والتبن ، يتم القاء المزيج في الهواء لكي تبعثر الهواء القش الخفيف وتسقط الحبوب الثقيل على الأض بأستخدام أدوات يدوية فلاحية قديمة كالمدراة ( ملهيبا دارى ) أما في المرحلة الثانية فيتم ذلك بواسطة لوحة التذرية ( بيرك ) وهي كاملة مصنوعة من الخشب على شكل ملعقة طعام ، هذه العملية كان يقوم بها رجال كبار السن من الذين لديهم الخبرة الكافية في هذه العملية وفي الأخير تولد بيادر من الحبوب على شكل أكوام من الحنطة والشعير وغيرها من المحاصيل الزراعية ، كانت بيادر زاهية جميلة تدل على الخير والبركة في معظم المناطق ، من جانب أخر كان من الواجب أن يقوم الفلاح بتوزيع نسبة من هذا المحصول على الفقراء والمحتاجين قبل أخذه الى بيته كنوع من المساعدة والتعاون ولزيادة البركة ، من طرائف بيادر الخير كان لبياع الفواكه المتجولين في تلك البيادر صولات وجولات لبيع العنب والمشمش والتفاح مقابل الحبوب من البيادر حيث كان الصغار يركضون ورائهم حاملين كمية من الحبوب لأستبدالها بالفواكه الطازجة والأستمتاع بمذاقها في البيادر مع شرب الماء البارد من الجراري الفخارية الموضوعة تحت القش للتظليل ، نعم كانت البيادر بيادر خير و بيادر البركة وكانت الحياة فيها كل العافية