اراء

العراق قبيل الانتخابات: تحولات وتحالفات وصراعات تفتح باب المفاجآت

 

فرحان إبراهيم

تتجه أنظار العراقيين إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر إجراؤها في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، وسط مشهد سياسي معقد وتحولات داخلية وخارجية متسارعة، قد تفتح الباب أمام مرحلة سياسية جديدة، وربما إعادة تعريف لعراق ما بعد 2003.

الانتخابات القادمة لا تمثل مجرد سباق على مقاعد البرلمان، بل تكاد تتحول إلى معركة تقرير مصير بين مشروع وطني مستقل، وآخر مرتهن للتفاهمات الخارجية والمصالح الضيقة.

المالكي يعود… والسوداني يسعى لتحالف أكثر توازنًا

نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق، يعود بقوة إلى الساحة من بوابة “الدولة المركزية” وخطاب “الاستقرار”، في محاولة لاستعادة الدور القيادي ضمن الإطار التنسيقي. في المقابل، يسعى رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني إلى إعادة تشكيل تحالف جديد أكثر توازنًا، مستندًا إلى سجل حكومته في إدارة الملفات المعقدة.

التيار الصدري: صمت يسبق الانفجار؟

الغياب المثير للتيار الصدري عن المشهد الانتخابي حتى الآن يفتح أبواب التأويل: هل هو انسحاب دائم أم مناورة تكتيكية؟ وهل نشهد عودة مقتدى الصدر بصوت التغيير في اللحظة الأخيرة كما جرت العادة؟ الشارع لا يزال ينتظر إشارة من النجف.

السنة: تصاعد لافت وحراك سياسي واسع

المكون السني، بقيادة محمد الحلبوسي، يبدو أكثر حيوية وتنظيمًا، مع تحركات إقليمية متزنة ورسائل سياسية محسوبة. يشير مراقبون إلى أن الحلبوسي يسعى لإعادة ترتيب البيت السني داخليًا، وبناء تحالفات قد تعزز من موقعه في النظام السياسي المقبل.

الشيعة والأكراد: تراجع الزخم وتزايد الانقسامات

على عكس الحراك السني، تعيش القوى الشيعية والكردية حالة من التراجع السياسي والشعبي، نتيجة الانقسامات الداخلية، وسوء الإدارة، وغياب الرؤية. الأزمة بين الإطار التنسيقي والقوى الكردية تتصاعد على خلفية ملفات الرواتب والنفط والمناطق المتنازع عليها، ما يهدد أي توافق وطني في الأفق القريب.

الأقليات: تمثيل هش وطموحات وطنية

المسيحيون: بين التفكك والاستحواذ

يعاني المكون المسيحي من انقسام واضح بين عدة أطراف، في وقت يُتّهم فيه ريان الكلداني بالاستفراد بالحصة السياسية للمسيحيين، رغم تقلص عددهم إلى أقل من 250 ألف نسمة، ما يجعل التمثيل غير عاكس للواقع الديمغرافي أو التنوع الفكري.

الإيزيديون: انقسام داخلي وشراكات جديدة

يدخل المكون الإيزيدي الانتخابات وسط انقسامات مستمرة حول كوتا الأقليات، لكن الملفت هذه المرة هو بروز تحالفات وطنية جديدة، ومحاولة كسر الطائفية والانغلاق السياسي. كما أن العلاقات المجتمعية بين العرب والإيزيديين في سنجار ونينوى تشهد تحسنًا ملحوظًا، ما قد يغيّر قواعد اللعبة في مناطق الأقليات.

من يملأ فراغ إيران؟

مع تراجع النفوذ الإيراني في العراق، وتفكك محور المقاومة في المنطقة، تتوجه الأنظار نحو قوى بديلة. البعض يراهن على المحور القطري–التركي، فيما يرى آخرون أن السعودية والإمارات قد تلعبان دورًا محوريًا. الولايات المتحدة تبدو أكثر راحة من أي وقت مضى، تمسك بخيوط اللعبة من بعيد دون تدخل مباشر.

صراع داخلي أم بوادر حرب؟

رغم غياب مؤشرات على حرب مفتوحة، إلا أن هشاشة الأمن، واحتقان الشارع، وارتفاع وتيرة الخطاب المتطرف، قد تشكّل مزيجًا خطيرًا إذا ما فشلت القوى السياسية في التهدئة عبر الطرق السلمية والدستورية.

الناخب العراقي… بين الحلم والواقع

الشارع العراقي يعيش في وادٍ والحلم بوطن مختلف في وادٍ آخر. الناخب ما يزال يُستخدم كوسيلة عبور للسلطة، دون أن يُمنح فرصة حقيقية للمحاسبة أو التغيير، وتبقى الطائفية هي القيد الأبرز الذي يحول دون التعلّم من التجارب السابقة.

هل هناك أمل لعراق مختلف؟

وسط كل هذه التحديات، يبقى الأمل معقودًا على وعي الناخب، وعلى بروز قوى مدنية نزيهة تسعى لتجاوز المحاصصة والوصاية، وبناء عراق يُدار بإرادة وطنية خالصة، لا بالولاءات العابرة للحدود.

الانتخابات القادمة قد تكون أكثر من مجرد استحقاق دستوري، بل لحظة فارقة لإعادة تعريف الهوية والمستقبل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى