اراء

الأيزيديون أمام خيار بين قوميتين: الأيزيديّة أو الكرديّة

 كاميران قاسم 

 

في عالمنا الحديث، يُعَدُّ احترام حقوق الإنسان والحرية الشخصية أحد أهم المبادئ التي تقوم عليها المجتمعات الديمقراطية. ومن ضمن هذه الحقوق، يبرز حق الفرد في اختيار هويته القومية والتعبير عنها بحرية. إن الهوية القومية ليست مجرد مسألة تصنيف إداري، بل هي جوهرية لفهم الفرد لذاته ولانتمائه الاجتماعي والثقافي. في هذا السياق، يبرز نقاش مهم حول هوية الإيزيديين الذين يعيشون في مناطق متعددة، ولكنهم يجدون أنفسهم أمام خيار بين قوميتين: الإيزيدية والكردية .. بعد جمع التواقيع التي يبلغ عددها 182 توقيعًا من أعضاء مجلس النواب من قِبل النائب الأيزيدي وممثل الكوتا الأيزيدية في البرلمان العراقي “نايف خلف سيدو” وذلك من أجل تثبيت (قانون القومية الأيزيدية) في الدستور العراقي، الذي ينص في المادة 3 على أن: “العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب”، تصاعدت حدة النقاش حوله ،وهذا الأمر أثار ضجة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي بين المؤيدين والمعارضين، حيث برزت اختلافات واضحة في وجهات النظر؛ فهناك من يدعي أنه كردي وهناك من يدعي أنه أيزيدي دينيًا وقوميًا ، وتعتبر هذه المرة الأولى نحو تحقيق مطلب المكون الأيزيدي على الرغم من المحاولات المستمرة منذ سقوط النظام العراقي السابق .. الأيزيديون هم مجموعة دينية عرقية تعيش بشكل رئيسي في العراق، خصوصًا في مناطق سهل نينوى، حيث توجد فيها معابدهم الدينية ،ولهم عادات وتقاليد وطقوس دينية فريدة يمارسونها ، وتعتبر غالبيتهم الساحقة أن هويتهم القومية هي أيزيدية، وذلك نابع من اعتزازهم بتراثهم الثقافي والرافديني والديني الخاص ،وهذا الخيار ليس مجرد تفضيل شخصي، بل هو تعبير عن رغبة في الحفاظ على خصوصية ثقافتهم وحمايتها من الذوبان في قوميات أخرى. على الجانب الآخر، هناك بعض الأيزيديين يعتبرون أنفسهم أكرادًا وذلك بسبب الموقع الجغرافي والعلاقة المتقاربة معهم . وأيضًا هناك الأسباب السياسية التي تفرض عليهم القومية الكردية، كما حدث في النظام العراقي السابق عندما فرض القومية العربية على الأيزيديين وحول أسماء مناطقهم إلى الأسماء العربية. وفي ظل الظروف الديمقراطية الحديثة، من حق كل مجتمع وفرد أن يختار الهوية القومية التي يعتز بها. لا يجب أن يكون هناك إجبار أو ضغوط لتحديد هوية قومية معينة لأي فرد أو مجموعة. والإيزيديون، مثلهم مثل أي مجموعة أخرى، لهم الحق في تحديد كيف يرون أنفسهم وأي هويات قومية مناسبة لهم ، وعلى الرغم من وجود اختلافات في وجهات النظر. كما يجدر بالذكر أن هناك من يقول إن الأيزيديين قوميتهم كردية بسبب الترابط اللغوي بينهم ولكن إذا ربطنا القومية باللغة المستخدمة، فإن أهالي بعشيقة وبحزاني يتكلمون اللغة العربية فقط ، كذلك أن النصوص الدينية الإيزيدية مكتوبة بعدة لغات منها العربية مما يفتح بابًا أوسع للنقاش حول مدى ارتباط الهوية القومية باللغة .. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نؤكد على أهمية التعايش السلمي مع شرائح المجتمع العراقي المختلفة، بما يضمن احترام وتقدير التنوع الثقافي واللغوي والديني ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى