اراء

معارك التقسيم ايزيدياً

شاكر خدر 

المجتمع الأيزيدي غريب في اختلاف الرأي، ففي كل حدث ينقسم المجتمع الأيزيدي إلى قسمين: أحدهما مؤيد بشدة والآخر معارض بشدة، فالمؤيد لا يرى السلبيات غالبًا وإن رآها، يصرف النظر عنها تأييدًا ودعمًا للرأي الذي يناصره.

والمعارض أيضًا يرى الإيجابيات كلها ملك من يؤيده ويراه نعمة على المجتمع، وكلاهما يغضان النظر عن الحقيقة والواقع وتقبل آراء البعض.

في المجتمع الأيزيدي تبدأ معارك القسمين (جهتين) عند حداثة الأطفال ولاسيما عند تعليم الأطفال الكلام، فأول سؤال يتم توجيهه للطفل هو “من تحب أكثر؟ أمك أم أبوك؟” ويُزرع في ذهن الطفل ثقافة التقسيم والتفضيل وعدم تقبل رأيين أو شيئين معًا، ويجب أن يختار شيئًا من الآخر ويُعاقب في الحالتين.

فعند إجابته على ذلك السؤال يُعاقب من قبل أبيه إن فضل أمه، ويُعاقب من قبل أمه إن فضل أبيه.

وهكذا يحدث عنده ثقافة اختيار شيء من الآخر. ويكبر هذا الانقسام مع الفرد الأيزيدي إلى أن يدخل المدرسة، ففي المدارس الابتدائية والمتوسطة يُدرس الطفل جميع المواد ولا يتم تقسيم دراسة المواد إلى العلمية والأدبية في نفس المرحلة، لكن المدرس والأبوين والزملاء يحكمون على الطفل التلميذ أنه في المواد العلمية أفضل من المواد الأدبية، ويجبرونه على التفكير بأن لا خيار ثالث له ويجب عليه أن يكون غبيًا في قسمٍ ما وذكيًا في القسم الآخر من المواد.

فيصبح الفرد الأيزيدي لا يتقبل الواحد والثلاثة وإنما يحرص على أن يقسم الأشياء إلى قسمين، ففي كل الأحداث نرى الفرد الأيزيدي يجعل من المعطيات خيارين ويتخذ من أحدهما صوابًا والآخر خطأ بالرغم من أنه قد يكون هناك خيار ثالث وهو الأكثر صوابًا.

ونرى في مواقع التواصل الاجتماعي مثالًا حيًا على هذا التقسيم الثنائي الذي ليس بواحد ولا ثالث له، فعندما نرى حزبين أو حكومتين أو أي شخصين يختلفان في الرأي أو يحدث بينهما مشاكل وقد تكون مشاكل شخصية، إلا أن الفرد الأيزيدي يسير على نهجه الذي كبر عليه ويقف مع أحدهما ضد الآخر.

وهكذا تصل الأشياء إلى حد الكراهية بين أفراد المجتمع الواحد، ولا نرى أحدًا يبرز كطرف (الخير) المحايد لإيصال الطرفين المختلفين إلى حل سليم دون إثارة الموضوع وجعل القضايا الشخصية واختلاف الآراء موضوعًا يسحب تركيز الفرد الأيزيدي ويضعف اهتماماته بحياته وقضيته الأكبر. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى