اراء

بين الوعود المتكررة وواقع المواطن الإيزيدي و العراقي، ما الذي تحمله الحملة الانتخابية هذه المرة؟

فرحان إبراهيم

مع انطلاق شرارة الحملة الانتخابية، تعود المشاهد المألوفة: صور المرشحين تملأ الجدران، شعارات براقة تُرفع في كل شارع، ووعود تتكرر كأنها أسطوانة مشروخة. المواطن العراقي، الذي شاهد عشرات الانتخابات منذ عام 2003، يقف أمام سؤال بسيط لكنه مؤلم: هل نحن أمام بداية جديدة للتغيير، أم مجرد نسخة جديدة من الماضي الفاسد، دخان بلا نار؟

ذاكرة الناخب المثقلة بالخيبات

السياسيون منذ سنوات يَعِدون بمحاربة الفساد وتحسين الخدمات وإصلاح الدولة. لكن الواقع يقول غير ذلك. البطالة في كثير من المناطق تصل إلى 50% بين الشباب، وكثيرون منهم بلا أمل بالعمل. الخدمات الأساسية متدهورة، من طرق مهترئة، ومدارس ومستشفيات نصف جاهزة، وأحيانًا كأن هذه المناطق تُترك لتنهشها الإهمال. مؤسسات الدولة لا تعمل إلا لحماية مصالح الفاسدين والمحاصصة السياسية، بينما المواطن العادي يطارد أبسط حقوقه.

كل هذه الحقائق تثقل كاهل المواطن، وتجعله يعرف أن التغيير لا يقاس باللافتات أو الشعارات، بل بمدى قدرة المسؤول على تنفيذ ما يَعِد به على الأرض.

وجوه مألوفة وشعارات براقة

هناك مرشحون قضوا 12 سنة في البرلمان، وفشلوا في تقديم أي إنجاز ملموس، ومع ذلك يفوزون في كل دورة بطريقة غريبة لا يفهمها أحد. المواطن يعرف أن هؤلاء ليسوا جزءًا من الحل، بل جزء من المشكلة. استغلال السلطة لخدمة مصالح شخصية وحزبية، وتجاهل كامل لاحتياجات المواطنين اليومية، وتكرار نفس الأخطاء الانتخابية وترك مناطق كاملة غارقة في الإهمال.

أما القوائم الجديدة، فهي تعد بعالم أفضل، لكنها غالبًا لا تتجاوز كونها دخانًا بلا نار، تختفي بعد الانتخابات مثل كل مرة.

المعضلة ليست فقط في تغيير الوجوه، بل في تغيير طريقة التفكير والمنهجية التي حكمت العراق طوال السنوات الماضية. التغيير الحقيقي يعني محاسبة الفاسدين بلا استثناء، مهما كانت مناصبهم، ووضع مصلحة المواطن فوق أي مصالح حزبية أو فئوية، وإصلاح مؤسسات الدولة بدل تحويلها إلى أدوات للثراء الشخصي، وضمان الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، الماء، التعليم، والصحة كحق، لا كمنّة.

هذا النوع من التغيير لا يمكن تحقيقه في شهر من الحملات الدعائية، بل يحتاج إلى إرادة صادقة وضمير حي، وهو ما افتقدناه طوال السنوات الماضية.

الناخب العراقي اليوم أمام مسؤولية كبيرة. صوته ليس مجرد ورقة عابرة، بل أداة لمحاسبة من خانوا الأمانة. هل من المنطق إعادة انتخاب من ترك منطقتك بلا خدمات طوال 12 سنة؟ هل يمكن الوثوق بوعود من لم يوفِ بها سابقًا؟ هل هؤلاء المرشحون قادرون فعليًا على إصلاح دولة غارقة بالفساد والانقسام؟

أي اختيار خاطئ يعني استمرار المعاناة: فساد بلا محاسبة، ووعود بلا أفعال، ومواطن يطارد سراب الإصلاح.

بين استمرار الأزمة وبداية الأمل الحقيقي

القرار اليوم بيد الشعب وحده: إما أن يمنح صوته لمن اعتاد خداعه بشعارات جوفاء، أو يفتح الباب لمرحلة جديدة تقوم على محاسبة الفاسدين واختيار من يملك سجلًا نظيفًا وخبرة حقيقية في خدمة المواطنين.

إن مستقبل الوطن ليس لعبة سياسية عابرة، بل حياة أجيال، وأمل شباب ينتظرون فرصة للعيش بكرامة. فكر جيدًا قبل التصويت، فاختيارك اليوم سيحدد مصير غدك وغد أبنائك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى