Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء

مهمة ساڤايا في العراق سهلة ولكن نجاحه غير مضمون!

دخيل شمو

أثار تعيين مارك سافايا مبعوثًا خاصاً للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العراق ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية العراقية وعلى طاولات محللي السياسة الأمريكية تجاه العراق والشرق الأوسط وركزت التحليلات السائدة على ثلاثة جوانب رئيسية: هوية المبعوث، كونه عراقيًا مسيحيًا كلدانيًا؛ وطبيعة عمله، كونه تاجر مخدرات- ماريجوانا؛ ودعمه السياسي والمالي للرئيس ترامب، الذي ساهم بشكل ما في نجاح حملته الانتخابية في ولاية ميشيغان ولعب دورًا محوريًا في حشد الناخبين الأمريكيين العرب.

تحمل هذه العوامل الثلاث تداعيات سياسية جوهرية، وقد تؤثر بلا شك على مسار العلاقات الأمريكية العراقية. والسبب الرئيسي في ذلك هو أن الرئيس ترامب شخصياً اختار المبعوث على الرغم من افتقاره للكفاءة الدبلوماسية. ومع ذلك، فإن السؤال المهم الذي يجب على العراقيين طرحه هو: هل سنرى إنجازات إضافية وملموسة يمكن أن يحققها ساڤايا المبعوث، داخل بلدهم، الذي يُعد مركزًا لأكبر وجود دبلوماسي أمريكي، متمثلة بأكبر سفارة أمريكية في بغداد وأكبر قنصلية لها في أربيل.

قد تُوضّح المقارنة الرسمية بين مهام السفير والمبعوث الرئاسي في منظومة العلاقات الخارجية الأمريكية هذه المسألة. يكمن الفرق بين المبعوث الأمريكي والسفير أساسًا في نطاق مسؤولياتهما، والإجراءات الرسمية المرتبطة بالدور الدبلوماسي. فمثلا يشغل السفير أعلى رتبة بين المسؤولين الأمريكيين الذين يمثلون الولايات المتحدة في بلد آخر. يُرشّحه الرئيس ويتطلب موافقة مجلس الشيوخ. في المقابل، المبعوث هو ممثل مؤقت يُعيّنه الرئيس مباشرةً لمهمة محددة ولا يتطلب تعيين المبعوث موافقة الكونگرس.

من ناحية أخرى، غالبًا ما يعمل المبعوث الرئاسي كممثل مؤقت أو متخصص في قضية معينة، ويتعاون أحيانًا مع السفير. ولكن يُشرف البيت الأبيض على عمله متجاوزاً البيروقراطية الإدارية. عند إعلانه عن تعيين المبعوث، أشاد ترامب بفهم سافايا العميق للعلاقات العراقية الأمريكية وعلاقاته الإقليمية، التي يعتقد أنها ستعزز المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. ولعل سبب هذا الإعلان السريع هو تصريحه العابر حول العراق كدولة غنية بالنفط لكنها لا تعرف كيف تتصرف بها، وذلك عند توقيع اتفاقية السلام في شرم الشيخ.

يشير هذا التصريح إلى أن ترامب يضع نصب عينيه النفط العراقي. وبالتالي، من المتوقع أن يُكلَّف المبعوث الخاص بتوسيع وتنشيط آليات المصالح الاقتصادية الأمريكية بناءً على مبدأ الرئيس ترامب القائم على سياسة الأمر الواقع القائلة بأن الأقوى هو من يقرر ويختار. ومع ذلك، قد تتضمن مهامه أيضا المصالحة السياسية والتنسيق ضد داعش والمفاوضات الإقليمية الجوانب الأخرى كلما تتطلب الأمر.

لذلك لا يرى العديد من المحللين والسياسيين العراقيين أن هذه السياسة سوف تضر بالعراق إذا كانت أمريكا مستعدة لإعادة بلدهم إلى أولويات إهتماماته بعد سنوات من الإهمال والتغاضي. بالإضافة إلى ذلك فإن الاستثمار والعلاقات الاقتصادية السليمة تهيئ الأرضية لتنشيط علاقات مفيدة أخرى.

أما فيما يتعلق بإمكانيات سافايا كمبعوث للرئيس ترامب إلى العراق، فتُقدم أصوله العراقية-الكلدانية-المسيحية منظورًا مختلفًا. فبينما يُشيد البعض بالتعيين غير التقليدي، كون سافايا يفتقر إلى الخبرة الدبلوماسية، يتوقعون تأثيره الإيجابي بفضل التزامه الراسخ بنهج ترامب السياسي وإمكانية نقل رسائل ترامپ والبيت الأبييض إلى القادة العراقيين بالشكل المطلوب. ويتحمس هؤلاء القادة لإقامة قناة اتصال مباشرة مع البيت الأبيض. في المقابل، يُعرب آخرون عن مخاوفهم بشأن محدودية مهمته وإحتمال قصر مدتها، مُشككين في براعته الدبلوماسية في مواجهة تحديين مُعقّدين في العراق: النفوذ الإيراني وحقوق الأقليات الدينية.

إن خلفية سافايا الفريدة، كونه من أقلية دينية عانت من الاضطهاد والتهميش في العراق وكل دول الشرق الأوسط، إلى جانب خبرته كتاجر ماريجوانا – الذي هوأمر قانوني في معظم الولايات الأمريكية، بما في ذلك ميشيغان – قد تدفعه إلى اتخاذ قرارات غير متوازنة من شأنها إعاقة جهوده الرامية إلى بناء شراكات ومصالح إقتصادية مفيدة تعود بالنفع على كل من العراق- حيث وُلد والولايات المتحدة- حيث نشأ.

إن التنبؤ باتخاذ سافايا قرارات متسرعة وغير متوازنة يُبرره طبيعة المجتمع الكلداني، الذي كان من أوائل المهاجرين إلى الولايات المتحدة، وتحديدًا إلى ديترويت ومدن آخرى بولاية ميشيغان. فقد اتسمت مواقف ممثليهم في التجمعات العراقية، حتى تلك التي أشرف عليها الأمريكيون، بالتشنج والعداء تجاه إيران والفصائل الخاضعة لنفوذها، معتقدين أن أمريكا قادرة على إنهاء هذا النفوذ بين عشية وضحاها. ناهيك عن موقفهم غير الودي تجاه الأكراد، وخلافاتهم العميقة مع من يشاركونهم معتقدهم الديني – المسيحية – من الآشوريين والسريان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى