قصص صحفية

مع الفن الشنكالي ثانية

مراد سليمان علو 

 

لا أصدق أن السنوات، بل القرون القادمة ستحمل لنا في بطونها (عيدوى كتي) آخر، أو (خدر فقير) آخر، لا أصدق أبدا أن الليالي القادمة ستنجب لنا حنجرة مثل حنجرة (قبال) أو حكواتي مدهش مثل (عليّ حربا)ً و (خلف مجو) أو عازفا أسطوريا على الطنبور مثل (خلف قاسكى).  

يقول الباحث البغدادي (وليد يوسف عطو):

“الموسيقى والغناء يخضعان للذائقة الشخصية، وليس لقوالب جامدة وثابتة”.

وتأسيسا على ذلك أقول: أولئك الكبار ذهبوا، فأهتموا بالصغار الباقين الذين ما يزالون على قيد الفن. وعلى هؤلاء تسجيل أشبالهم في المدارس الفنية المتخصصة، وأن يتثقفوا موسيقيا، ويتعلموا كتابة وقراءة النوتة الموسيقية. وأن يتدربوا على العزف على أكثر من آلة موسيقية. والاهتمام وبيان الجوهر الذي قامت عليه الموسيقى الشنكالية. ولا بأس من أخراج ألوان غنائية جديدة والغناء بطريقة حداثوية لخلق فن ذكي ودفع الثقافة الموسيقة والذوق العام للأمام بشرط المحافظة على أصالة التراث الشنكالي الفريد.

من المهم البحث عن أنغام متفردة وبعث روح جديدة في الموروث الغنائي الشنكالي بغية تحول حقيقي في مزاج الناس، فعلى الفنان الحقيقي التعاطي مع الموروث دون تقديس لعناصر اصالته، وكذلك دون مبالغة في الاغتراب، فهذا مهم لتتوازن المعادلة الفنية في موازاة الاجتماعية.

البحث الدائب عن الجديد سيولد لدى الفنان الشنكالي الصاعد واقعا لإيجاد مستقر نفسي، فتحقيقه لموسيقى جديدة بشكل مغاير سيجد في انفعالات وتحيات الأيزيديين المغتربين منهم والذين لا يزالون في الأوطان المختلفة ما يروي الظمأ الكبير.

لا بأس أن يتأثر الفنان الشنكالي الصاعد بالمسار الصاخب والفريد لفنان آخر عبقري ومتفرد، فقد يعطيه هذا دافعا في تحولات فنية مهمة في مسيرته القادمة في المجتمع في الداخل وكذلك في الخارج خاصة بعد الفرمان.

وعلى عكس ما يشاع عن الفنانين، فلا يشترط أن يكون فيهم الجهل وعدم الوعي، وضحالة الثقافة، فيمكن أن يطور الفنان من نفسه ويقرأ، بل أن يكون له صالونا ثقافيا ليجتمع اليه نخب المجتمع.

يمكن للفنان أن يرتقي بالعمل الموسيقي الى مستوى يمكنه الاحتفاظ بقدرته على التأثير في المتلقي المثقف كعمل موسيقي يحمل فيضا من الاشواق.

بوفاة أولئك الفنانين العمالقة تتعرض الموسيقى الشنكالية وفنونها بصورة عامة لتهديد من اتجاهات هجينية غريبة؛ لتتشكل منها ذائقة فنية متدنية. يبقى واجب الشباب الآن هو ابقاء جذوة الموسيقى الشنكالية من خلال تواجدهم في الساحة بداعي الابداع وليس الربح أو المتعة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى