اراء

المنظمات بين الدعم المجتمعي والانتقاد: قراءة في قرار ترامب بوقف التمويل وتأثيره على الواقع المحلي

فرحان ابراهيم 

منذ إعلان قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وقف التمويل المقدم للمنظمات الدولية، ظهرت موجة من ردود الفعل المتباينة في المجتمع. وبينما رأى البعض في القرار خسارة كبيرة، وجد آخرون فرصة لانتقاد هذه المنظمات. وبالنظر إلى الوضع الراهن، من الضروري أن نستعرض دور المنظمات في دعم المجتمع، بعيداً عن أي تبرير أو دفاع عن الفساد الذي قد يشوب بعضها.

دور المنظمات في دعم المجتمع

على مدار السنوات الماضية، لعبت المنظمات الدولية والمحلية دوراً محورياً في إعادة تأهيل المناطق المتضررة، خاصة في ظل غياب الدعم الحكومي الفعّال. الحقائق على الأرض تؤكد التالي:
1. البنية التحتية والتعليم:
• لم تقم الحكومة حتى الآن بترميم أي مدرسة أو مركز صحي، بينما تولت المنظمات ترميم عشرات المدارس والمرافق الصحية في المناطق المتضررة.
2. ترميم المنازل والمرافق العامة:
• تم إعادة بناء أو ترميم الآلاف من المنازل بتمويل من المنظمات، بينما لم تسجل الحكومة أي إنجاز يُذكر في هذا السياق.
• دوائر الخدمات الحكومية، مثل المستشفيات، مراكز الشرطة، البلديات، والزراعة، تم تأهيلها بالكامل من قبل المنظمات.
3. فرص العمل والدعم الاقتصادي:
• وفرت المنظمات آلاف فرص العمل، سواء بشكل مباشر أو من خلال دعم المشاريع الصغيرة.
• حوالي 90% من المشاريع الزراعية أُعيد تأهيلها بدعم المنظمات، مما ساهم في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي.
4. المساعدات الإنسانية للنازحين:
• لا يمكن إنكار أن المساعدات التي قدمتها المنظمات كانت السبب الرئيسي في توفير لقمة العيش للنازحين في المخيمات والهياكل السكنية المؤقتة.
5. جهود المناصرة والحقوق:
• كانت للمنظمات دور كبير في المناصرة لقضايا المجتمع، مما أدى إلى إنجازات ملموسة مثل:
• إصدار قانون الناجيات الإيزيديات.
• حماية وفتح المقابر الجماعية.
• ضمان التعويضات للمتضررين من النزاعات.

إشكاليات لا يمكن تجاهلها

رغم كل الإنجازات، لا بد من الإشارة إلى وجود شبهات فساد في عمل بعض المنظمات، سواء الدولية أو المحلية. وأريد هنا أن أؤكد أنني لا أدافع عن أي منظمة ولا أبرر الفساد الموجود في بعضها.

في الواقع، كانت العديد من المنظمات المحلية مجرد منفذة لتعليمات المنظمات الدولية، دون أي استقلالية أو قدرة على اتخاذ القرار. لكن مع الوقت، نجحت بعض هذه المنظمات في الخروج من هذه السيطرة، وبدأت تعتمد على نفسها للحصول على التمويل وتنفيذ المشاريع، مما ساهم في توسيع نطاق خدماتها وتحقيق نتائج مباشرة للمجتمع.

رسالة للمجتمع

يجب أن نكون منصفين عند تقييم دور المنظمات. فرغم وجود بعض الإخفاقات أو التجاوزات، لا يمكن إنكار الدور الكبير الذي لعبته في خدمة المجتمع، خاصة في ظل غياب الدور الحكومي.

إن الدعم الذي قدمته هذه المنظمات، سواء توقف اليوم أو استمر، يستحق منا الامتنان. فمن غير العدل أن ننسى ما قدموه خلال السنوات الماضية من مساعدات وخدمات أسهمت في تحسين حياة الآلاف من الناس.

في الختام، دعونا نتحدث بضمير ونعترف بالفضل لمن كان لهم دور في دعم أهلنا وناسنا. لا ترمِ حجراً في البئر الذي شربت منه الماء. وإن كانت هناك انتقادات مشروعة، فلنوجهها بعقلانية، بعيداً عن استغلال الفرص أو تصفية الحسابات.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى