اراء

الاخبار الكاذبة وإعادة توظيف الارشيف لخلق الرعب

 

خضر  دوملي 

 

انتشرت في الاونة الاخيرة وخاصة منذ حرب اسرائيل وايران موجة عارمة من الاخبار المفبركة والصور والفيديوهات التي تم انتاجها بعناية فائقة، مما سببت تدهورا في نفسيات الناس وتشتت  الافكار والمواقف وخلق حالة من القلق والذعر في بعض الاحيان، بصورة تحتاج الى دراسات معقة لمعرفة تاثيراتها المستقبلية.

 الى جانب الاخابر الكاذبة او الملفقة او المفبركة –  ازدهرت سوق هذه الانواع  من  المنتجات الصحفية –  زاد انتشار وتوظيف الارشيف التاريخي للمواقف والاحداث التاريخية السابقة ذات الصلة، بمواقف وتوجهات وعقيدة وانتماءات اطرف الصراع في المنطقة  وتوجهات ومواقف الاطراف والشخصيات السياسية والدينية بشكل لم يكن متصورا أنه في وم من الايام ان يتم هكذا توظيف،  تجاوز حقوق الاخلاقيات والقيم الصحفية، لأن بعضها وصلت لخلق حالة  من الرعب وسببت في أن يتخذ البعض قرارات مصيرية في حياته ندم عليها لاحقا بسرعة.

المتابع لهذه الاخبار كان يشاهد كيف تنتشر بسرعة غير متوقعة ويتم تبادلها بصور واشكال مختلفة ويتم أما اضافة تعليقات مثيرة عليها او ربطها بمصادر ومؤسسات او اشخاص في سبيل اضفاء المزيد من المقبولية عليها .

وفي جانب اخر وعلى الصعيد العراقي ومحليا تنتشر في كل فترة ترتبط بالاحداث والمناسبات الدينية جملة  من المنتجات الاعلامية التي تم فصالها على مقاس بعض صفحات ومنصات السوشيال ميديا لكي تنشر الذعر او الاخبار الكاذبة بناءا على مواقف شخصيات ومحللين ، بحيث اصبح كل من هب ودب منبئا او يتوقع انهيار الدولة الفلانية والحزب الفلاني ويصاب بالشلل كل من لم يقم بكذا – شيء وكذا فعل او ممارسة عقائدية او ما شابه .

الغريب في الامر ان تتم متابعة ونشر هذه الاخبار المفبركة والكاذبة من قبل شخصيات لها ثقلها الاجتماعي او الاكاديمي ويتم اعادة ارسالها الى اشخاص اخرين بصورة ملفتة تسبب خلط الاوراق وضياع المعرفة الحقيقية والدور المهم لوسائل الاعلام في تزويد الناس بالمعرفة الصحيحة وفق الاسس المهنية.

وما يؤسف عليه ان تتسابق بعض المنصات المعروفة والتي يعتمد عليها الناس في استهلال الاخبار والمعارف بنقل تقارير يعرف القائمين عليها بشكل مؤكد انها مفبركة وخاصة تلك التي يتم بنائها على الارشيف القديم واضافة صور وملصقات وارقام جديدة عليها لكي تلائم واقع وذهنية المتلقي الحالي الذي جعل من العديد من المتلقين، هم الاخرين ان يصبحوا مصادر لنقل وارسال هذه الصور والاخبار  الكاذبة والتقارير الملفقة لأخرين بحجة ان الشخص الفلاني ( الموثوق – او له منصب )  قد نشرها في موقعه او ان المنصة الفلانية – المعروفة –  قد أعادت تدوالها .

والمخيف في الامر هو انتشار وزيادة هذه المنتجات الاعلامية مع قرب بدء الحملة الانتخابية، حيث تتسابق الاطراف المختلفة لنشر فيديوها تم تركيبها وأعدادها بطرق فائقة الذكاء للتسقيط وتشويه سمعة الاشخاص بمختلف السبل الممكنة، وما يخيف في الأمر اكثر هو الاستخدام الواسع للذكاء الاصطناعي دون مراعاة لأية قيم مهنية في هذا المضمار الذي يسبب حالة من الشلل المعرفي والعطب الاخلاقي.

وبما ان هذه الحالة مستمرة فان اتخاذ الاجراءات يجب ان تصبح اكثر فعالية  من قبل المؤسسات ذات العلاقة التي تراقب المحتوى الضار للتعامل مع هذه المنشورات بنفس الاهتمام من الخطورة وتشجع الناس على الابلاغ وعدم اعادة نشر وارسال تلك الاخبار والتقارير الملفقة .

  • خضر دوملي مستشار ومدرب اعلامي ومدير منظمة الاعلام المستقل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى