حراس المدينة،كيف يسهم شباب نينوى بحماية مدينة في طور التعافي
حراس المدينة، كيف يسهم شباب نينوى بحماية مدينة في طور التعافي
ايزيدي24 – اسلام المشهداني
منذ عام 2017 شهدت محافظة نينوى عودة لعشرات الالوف من العوائل الى مساكنهم في مختلف الأقضية
لم يبق التنظيم الارهابي حجرا على حجر .. النازحون عادوا وقد اثقلت كاهلهم متاعب النزوح وذكرياته المريرة .. يشاهدون اثار ذكرياتهم محطمة ومهشمة وقد خربت بالرصاص والقنابل والعبوات الناسفة .. لكنهم ما زالوا يعاينون مستقبلهم الجديد في نهاية النفق.
لم تكن مقومات الحياة في البداية تساعدهم على الاستقرار، فالبنى التحتية، ودور العبادة، والمؤسسات الحيوية كانت مدمرة بالكامل، لكنهم راهنوا على انفسهم..
في سنجار بدات قصتنا ..
ذلك القضاء الذي يقع على الحدود العراقية السورية ويعمل اهله في الزراعة وتربية المواشي .. عانى الأمرين إبان سيطرة التنظيم الارهابي على نينوى من قتل وتهجير واعتداءات سافرة ومقابر جماعية وفقدان العوائل ابنائها وما بين الحين والاخر تخرج مبادرات حكومية وأممية لحل النزاع بين الايزيديين والعرب المسلمين في القضاء ..لكن ازمة الثقة بين المكونين ما تلبث ان تعود الى الظهور.
“حسين سعيد” من سنجار يذكر لنا: لم تكن مهمة العودة الى سنجار امرا هينا فالجميع كان يخشى من ان تسوء الامور وتعود الى سابق عهدها، ففي أيار 2020 قررت ان اعود مع أهلي واقربائي الى سنجار، حدث ذلك بعد إلحاح كبير مني… لم يكونوا مقتنعين تماما بالعودة ، انا كنت مقتنعا.. قد اكون مختلفا عنهم لاني ارى ما لم يروه في الواقع
فالصراع الدامي الذي خضته مع الإشاعات ومروجيها، والاقاويل التي تستثمر في الحساسيات الدينية والاجتماعية و التي طالت سنجار – هذا الصراع الذي خضته متسلحا بمواقع التواصل الاجتماعي رسم في ذهني صورة كاملة عن الوضع هناك فمن الصعب تصديق الواقع ما لم تره بعينك.
كنت اتابع الاخبار، واتحرى الدقة فيها، وادققها وانفي ما لم يصح منها، فاستطعت ان احقق ما ارمي إليه لاصبح مصدرا خبريا مهما في سنجار يمد الوكالات المحلية والدولية بالاضافة الى المنظمات الدولية بالحقائق ومجريات الاحداث في سنجار.”اقنع حسين عائلته بالعودة..ولكن النازحين العائدين وجدوا نفسهم وحدهم، اذ لم تقدم لهم المؤسسات الحكومية الحد الادنى من الدعم الذي يحتاجونه، يتابع حسين:
“بعد عودة افواج من النازحين دعمتهم بعض المنظمات الدولية في بناء دورهم المهدمة، وتحديدا اؤلئك المقيمين في المجمعات الجنوبية لجبل سنجار (سيبايه’ شيخ خضر’ تل عزير) المتمثلة بالجزيرة والقحطانية، كون سنجار اعتبرت منطقة منكوبة بعد ان صوت مجلس النواب العراقي بتاريخ 2016/4/28 بالإجماع على قرار اعتبار بلدة سنجار منكوبة، وذلك ضمن جلسته الـ 26 من الفصل التشريعي الثاني.
وذلك لانها تعرضت لكارثة بسبب الحرب ولا تعتبر المنطقة منكوبة وفق المعايير الدولية إلا إذا أوقفت الكارثة التي أصابتها عجلة الحياة الطبيعية فيها، وتسببت في أضرار فادحة في الأرواح والبنيات التحتية، وصعب على الدولة مد الناس بأساسيات الحياة وضرورات العيش، كماء الشرب والغذاء والكهرباء والأمن.
اليوم، وبعد سنوات على الكارثة…الحياة تعود تدريجيا الى سنجار… الأمن مستتب، وليس هنالك من مؤشرات خطر مؤكدة…مع ذلك يجلس حسين امام شاشة حاسوبه المحمول وعينه على الاخبار التي تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي، انه حارس من نوع أخر…حارس يبذل ما في وسعه لمنع الاخبار المظللة من تهديد امن المدينة.
اما بعشيقة عاصمة نينوى الاقتصادية وتسمى ايضا بحزاني فلها قصتها الخاصة.
“ليديا شيخ” تروي لنا: “لقد ساهم التجار في عودة الحياة الى بعشيقة .. كانت للوهلة الاولى مدينة الأشباح، فالمزارات الدينية، والبيوت مدمرة، و المزارع محترقة.. شباب المدينة تعاونوا مع المؤسسات الحكومية و المنظمات برفع الانقاض، وازالة الالغام وبناء المزارات، وتشجير المناطق كون بعشيقة تشتهر بزراعة المحاصيل الزراعية وأهمها الزيتون بالاضافة الى الصناعات الغذائية المختلفة هذه الجهود التي بذلها شباب بعشيقة وتجارها ساهمت في اعادة 90٪من سكان المدينة.
و تعرج ليديا: “الوضع في بعشيقة آمن.. لكننا نفتقد الخدمات الصحية، نفتقد المستشفيات والمراكز الصحية الجيدة”
الموصل ..الموصل
كانت حصتها من الدمار كبيرة، العدوان الارهابي خلف وراءه اطنانا من الانقاض المختلطة مع الجثث .. لكن شبابها لم يقفوا مكتوفي الأيدي ..
تروي لنا “غفران الحيالي”: “بعد انتهاء عمليات التحرير عام 2017 كانت الطرق والجسور مدمرة بالكامل والحياة منعدمة في الجانب الايمن من مدينة الموصل…ذلك الحانب التاريخي الذي نال النصيب الاكبر من الدمار .. فقررت مجموعة من الشباب المتطوعين انشاء حملة أسموها “ثورة الدنابر” والدنابر جمع دنبر وهو عجلة بدائية كانت تستعمل لنقل المواد الانشائية تمتاز بقدرتها على ا الدخول الى الاماكن الضيقة التي لا تصلها الآليات الكبيرة….
تمكن شباب الموصل من رفع اكثر من 120 الف متر مكعب من الانقاض، واسهم ذلك بعودة العوائل في الموصل القديمة الى منازلهم عقب حملات ترميم البيوت التي تكفلت بها المنظمات الدولية والمحلية.
وتضيف غفران: “انا ايضا انخرطت في العمل التطوعي، دوري كان توعويا في الغالب، و نشطت في حملات التوعية ضد الابتزاز الالكتروني مع الشرطة المجتمعية”
غفران واحدة من بين العديد من الشابات المنخرطات في النشاط الاجتماعي في نينوى…اذ زاد الحضور النسائي في الجال الاجتماعي بشكل ملموس بعد الحرب
في مدينة الحمدانية، التي تُعتبر أم الآشوريين، وتحتضن غالبية مسيحية، لم تسلم الأحياء السكنية والكنائس وحتى المؤسسات الحكومية من ويلات الدمار والتخريب.
وفقًا لشهادة “أمجد حنو”، عادت القوات العراقية في المرحلة الأولى لتأمين المنطقة وتقديم الخدمات، بالتعاون مع فئة الشباب المتطوعين الذين كانوا شهودًا على حجم الدمار والانفاق التي تم حفرها خلال الحرب ، والذين عملوا معا بالتنسيق مع الهيئات الكنسية والدينية، وذلك لتأمين وحماية الأحياء. تم تفعيل الخدمات الصحية والإنسانية بعد ذلك.
في عام 2014، نزح معظم سكان الحمدانية إلى مدينة أربيل، ثم عادوا إلى بيوتهم االتي النهب والحرق والتدمير. كانت المسؤولية الأولى على أصحاب البيوت المتضررة لإعادة ترميمها، حيث لم تكن المنظمات تلعب دورًا فوريًا في مرحلة العودة الأولى، فاعتمدت المدينة على جهود شبابها في البدء من جديد، واستعادة حس المبادرة في صفوف الأهالي.
وعلى ارض قضاء تلعفراكبر قضاء في نينوى والمحاذي للحدود العراقية السورية ذو الاغلبية التركمانية كانت الرصاصة الاخيرة التي انهت العصابات الارهابية .. ب.. عانت تلعفر من الانقسام الطائفي منذ 2004..المجتمع كان منشطرا بين السنة والشيعة، وادى الانقسام الى الانفصال الديمغرافي، فقد قسمت المناطق على اساس طائفي، وكان افراد كلتا الطائفتين يعيشون بتوتر وقلق خشية اشتعال الصراع المسلح او العمليات الانتقامية التي ينفذها كل طرف ضد الاخر.… لكن هذا الصراع انتهى مع اطلاق تلك الرصاصة الاخيرة…
“فاضل اسطنبولي” يحكي لنا ما جرى:
بعد ان حوصرت المدينة من جميع الجهات لم يتمكن عناصر التنظيم الارهابي من الهروب، و قامت القوات الامنية بقصف المدينة بالقذائف .. فقام التنظيم بتفجير الدوائر الحكومية والمراقد الدينية وزراعة الالغام مما ضاعف من حجم الدمار فيها…
وبعد الانتهاء من تحريرها بدات الحياة تدب من جديد في تلعفر، بعد ان قامت القوات الامنية بإزالة الالغام التي تركز معظمها في مركز المدينة وبدأت المؤسسات الحكومية بتقديم خدماتها الاساسية للمواطني نساندهم في ذلك جهود الفرق التطوعية، و منهم فريقنا.. فريق “متطوعو شباب تلعفر” الذي بضم 70 شاب وشابة من مختلف الطوائف والديانات.
فاضل وزملائه تمكّنوا من نشر الوعي في قضاء تلعفر والمناطق المحيطة به من خلال حملة خاصة تشجّع على بناء السلم المجتمعي، حيث تُستهدف فئات عمرية مختلفة في نشاطاتها. كما تعززت جهودهم التطوعية بالمزيد من الحضور النسائي، بعد ان حرمت النساء والفتيات ولوقت طويل من المشاركة في المحال الاجتماعي وممارسة أنشطتها بسبب القيود العشائرية حتى اليم ..عاد حوالي 60٪ من سكان تلعفر الى مناطق سكناهم. ومن الباقين قد نزحوا إلى مناطق مختلفة، بما في ذلك تركيا والموصل وجنوب العراق وإقليم كردستان.