اراء

قراءة في الراهن الإيزيدي.. شرح للواقع و اقتراح حلول

 

حسو هورمي

[1]

الإيزيديون باتوا يعيشون اليوم أسوأ حالات التشرذم والتمزق وما يحدث الان على الساحة الإيزيدية لا يخدم قضيتهم بل يعرقل انصاف اهالي الضحايا ولايساهم الدفع بالمجتمع للخروج من نفق الإبادة نحو مرحلة التعافي وسيكون لما يجري انعكاسات سلبية كبيرة في المجتمع الإيزيدي على الصعيد الثقافي والديموغرافي والاجتماعي ويكرس المناطقية الجغرافية بممارساته ويعمق هذه الجراحات التي لازالت تنزف منذ إبادة الإيزيديين في 3 اغسطس  2014 على يد ارهابيي داعش (اسف على هذه الرؤية السوداوية ) هذه من جهة ومن جهة اخرى الاتجار بالقضية الإيزيدية والمساومات عليها قائمة على قدم وساق لتقليصها الى ما هو أدنى فضلا عن استجداء البعض نعم اقول البعض من هذه الجهة او تلك باسم القضية الإيزيدية.

نحو عدالة انتقالية تصالحية في العراق

 المجتمع الإيزيدي مؤمن بان السعى للعدالة والمساءلة هي وسيلة لتحقيق العدالة الانتقالية الكاملة ، بعيدا عن كل اشكال الانتقام والثأر وضمن الآليات التقليدية في بيئات ما بعد الصراع والاستفادة من التجارب الدولية ( التجربة الافريقية  والاقتداء بالدور الذي تلعبه العدالة التقليدية في معالجة تركة الصراعات العنيف والابادة الجماعية  في خمسة بلدان أفريقية هي: رواندا، موزمبيق، أوغندا، سيراليون وبوروندي  .- كانموذج -).

ولكي تنتقل المجتمعات التي عانت من الإبادة الجماعية بنجاح نحو مرحلة التعافي وبناء السلام، لا بد للدولة بمؤسساتها من معالجة قضايا التمييز المنهجي، والإقصاء، والتنميط، ومكافحة خطاب الكراهية على جميع المستويات، وعدم المساواة، والإفلات من العقاب، وما إلى ذلك. ويتم حلها. “التركيز على جبر الضرر، وتعويض الضحايا، وإعادة الكرامة والهيبة، وتقديم الدعم اللازم لهم.”

وبما أن العدالة تسبق المصالحة بين الضحايا والجناة، فإنني أقول إن الناشطين ومنظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية والبرلمانات والحكومات حول العالم لهم الحق في تمثيل القضية الإيزيدية والدفاع عنها لأنها من القضايا الإنسانية ومن هذا المنطلق ارى بان المصالحة تحت اي عنوان كان  (كونفرانس التعايش والمصالحة في دوسلدورف ب المانيا – 2024.01.18 ومؤتمر توقيع وثيقة الوئام المجتمعي- الموصل  – 2024.03.30 واية جلسة تصالحية اخرى) لن تصل لاهدافها ولن تكون كاملة ومقبولة  دون الرجوع  لزعامات سنجار و الأخذ برأي الشارع الإيزيدي و آهالي الضحايا و الناجيين و الناجيات كون ما ارتكبه ارهابيي داعش ضد الإيزيديين منتصف عام 2014 هي جرائم دولية فعندما يتعلق الأمر بالمصالحة والتسامح ، الضحايا وعائلاتهم هم من يحق لهم اتخاذ هذه الخطوة ضمن اليات العدالة.

تنويه القادم اصعب

اولا: يتجه منطقة الشرق الأوسط نحو مزيد من التصعيد في ظل الوضع الملتهب ، لعوامل إستراتيجية عديدة، ومما يزيد من أهميتها وحساسيتها أنها تحتوي على مصالح متشابكة أو متعارضة للقوى الكبرى والعظمى، ومن بينها الجمهورية التركية ، حيث أصبحت المنطقة محل الاهتمام، وبؤرة  التركيز الرئيسة لنشاط هذه القوى وخاصة بعد القمة الأمنية التي عقدت بين العراق وتركيا بتاريخ  2024.03.14 في بغداد واتفق الطرفان إنشاء لجان دائمة مشتركة تعمل مجالات مكافحة الإرهاب والتجارة والزراعة والطاقة والمياه والصحة والنقل، حيث حظرت الحكومة العراقية حزب العمال الكردستاني قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل نهاية شهر ابريل الجاري والذي ينوي ايجاد حل عسكري – امني للحد من نشاطات الحزب في مناطق داخل العراق واقليم كوردستان ومن ضمنها سنجار ( حسب وكالات الصحافة ).

كما هو معروف بان كلا من  تركيا وسوريا وايران تتفق دائما على مناهضة اي مشروع كوردي وحسب جريدة الشرق الاوسط بتاريخ 25 مارس 2024 ، هناك  ضوء أخضر إيراني لتركيا في العراق .

ثانيا: التغيير الديموغرافي في مركز قضاء سنجار  وجنوب الجبل قائم على قدم وساق .

مناشدة

من هنا أجدد مناشدتي للنخب الإيزيدية على الصعيد الديني والدنيوي لإتمام المصالحة الإيزيدية – إيزيدية  تحت ظل توحيد المواقف والكلمة في مواجهة الأخطار والتحديات المحدقة بقضيتنا ومستقبل مجتمعنا .

بعد اجتماع الامير مع الجالية الإيزيدية في اوربا ( بحضور 700 شخصية ايزيدية من العراق وسوريا وتركيا وجورجيا وارمينيا الساكنيين في اوروبا والذي  يمثلون البيوتات والمراكز الثقافية الاجتماعية والدينية والمؤسسات الاكاديمية …….الخ  )  بمدينة كولن يوم 2023.01.07  وايضا زيارته الى امريكا في اغسطس 2023 ووعد الجميع  بان المجلس الروحاني الإيزيدي الاعلى سوف يعلن في اقرب فرصة عن تاسيس المجلس الإيزيدي الاعلى  مراعيا جميع مناطق تواجد الإيزيديين في العالم ولكن وبكل اسف اقول بان سمو الامير قام بإختيار لجنة استشارية له أو للمجلس الروحاني الإيزيدي ،بهذا العدد الكبير الذي قله مثيله في العالم ، وبصورة انتقائية وغير متوازنة من الناحية المناطقية بحيث لم يراعي فيها ابسط مبادئ الديموقراطية والنسبة السكانية …..الخ مع جل احترامي وتقديري لجميع اعضائها ،كانت خطوة اظهرت للمهتم بالشأن الإيزيدي بان فكرة ولادة المجلس الإيزيدي الأعلى قد اجلت إلى أجل غير مسمى او اجهضت للأبد.

وهذا ما ولد شعور لدى الشارع الإيزيدي بان سمو الامير بدأ يهمله ودفع بوجهاء وزعامات ومثقفي ورجال الدين( بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية والمستقلين ) في سنجار بتاريخ 2024.03.16 للاجتماع في مزار شرف الدين والخروج  ببيان مقاطعة الامير ومجلسه الروحاني بما يخص اهالي سنجار وقضاياه وضحاياه. 

في المقابل بدأ التذمر واليأس يدب في نفوس بعض القائمين على البيوتات والمراكز الثقافية الإيزيدية في اوربا وجورجيا من هذه الاعمال وتعالت بعض الاصوات بعدم التعامل مع مؤسسة المجلس الروحاني الإيزيدي ووصلت العدوى الى مجمع خانك ( اجتماعهم في  2024.04.05 واعلنوا عن إمتعاضهم من الية تشكيل الهئية الاستشارية ).

هناك من يقول بدل اعتماد ( استقواء ) الامير باية جهة كانت ، الافضل له ان يتقرب اكثر من نبض الشارع الإيزيدي بكافة تفاصيله وياخذ شرعيته وقوته من مجتمعه.

وحدة الصف هو هدف استراتيجي لجميع القيادات والادارات ؟

من هذا المنلطق ارى بان يسعى سمو الامير والمجلس الروحاني الإيزيدي لهذا الهدف السامي ويكثف الجهود لتوحيد الصف المجتمعي للإيزيديين بكافة شرائحه وعشائره في سنجار وولات وبعشيقة وبحزاني بغية مواجهة التحديات والتهديدات التي تواجه سنجار بساكنيها واراضيها ولاشك ان رصف الصفوف وتوحيد الخطاب في هذه اللحظات العصيبة اضحت ضرورة  ملحة لاستقرار سنجار وتنميتها، وتخلصهم من أشكال الهيمنة والسيطرة والاستغلال من قبل جهات دخيلة.

الاغلبية الصامتة ستكون صائتة وصادحة

الحقيقة أن الأكثرية الصامتة لم تقل كلمتها بعد، ولكنها غير راضية عن الوضع الحالي ,الصراع الدائر بين الفرقاء داخل العائلة الاميرية وبينها وبين بعض شرائح المجتمع الإيزيدي ،صحيح ان هذه الاغلبية غارقة حتى أذنيها في تحصيل لقمة العيش وتأمين متطلبات الحياة لكنها واعية بمايجري و من الضروري فهم هذه الأصوات الصامتة وإعطائها المساحة والفرصة للتعبير عن أنفسها.

 

الحل يكمن في:

اولا: مايخص سمو الامير والمجلس الروحاني

1:إطلاق مبادرة ببيان اميري يشمل الغاء جميع الهئيات الاستشارية وامتدادتها المتعلقة بالمجلس الروحاني الإيزيدي الأعلى.

2: السعي الجاد لرص الصف لمختلف شرائح المجتمع الإيزيدي في تحمل المسؤولية المشتركة لمواجهة التحدّيات القادمة.

3: الاجدر بالامير ان يسلك طريق التآلف والتوادد، وينبذ مايولد الاختلاف والتنافر في المنظومة الاجتماعية للإيزيديين ،باستخدام الحكمة والذكاء وزرع الثقة في محيطه ,والترفع عن التدخل في صغائر الامور .

4: ان يكرّس سموه بإعطاء الأولوية لمصلحة ملته، مع ضمان اعتبارها دائمًا الأولوية القصوى.

5:تفعيل لجنة اعداد مسودة دستور المجلس الإيزيدي الأعلى مع تبيان سقف زمني محدد لاعلان هذا المجلس.

 

ثانيا: مايخص النخب الاجتماعية والدينية والثقافية في سنجار

1: العمل على حماية الهوية الإيزيدية لشنكال ” سنجار ” والحفاظ على جغرافيتها والوقوف ضد التغيير الديموغرافي.

2: الرهان على الحراك التدويلي للقضية الإيزيدية، بوضوح وقوة وتصميم، ودعم كل من يعمل في مجال تحقيق العدالة وانصاف ضحايا جرائم داعش في  سنجار- شنكال من خلال جبر الخواطر وتعويضهم والسعي لاعادتهم الى مناطقهم للعيش بكرامة فضلا عن مطالبة محاكمة عناصر داعش .

3:ضرورة ايجاد المناخات والاجواء المناسبة للعمل المشترك ضمن اليات تنسيقية لتكريس الثقة المتبادلة بين هذه النخب والزعامات وبقية الفعاليات والجمعيات الإيزيدية وتمتين اواصر العمل الجمعوي وتوحيد الخطاب الإيزيدي وتقوية النسيج الاجتماعي ومد جسور المودة والاخوة بين المجتمع الإيزيدي في سنجار  من جهة وجميع اطياف شرائح المجتمع الإيزيدي من جهة ثانية ومكونات العراق من جهة ثالثة. 

4: كاصحاب الارض والقضية في الوقوف بعزم اكبر واصرار اكثر مع كل من يعمل من اجل القضية الإيزيدية والسعي الحثيث في دفعها نحوالامام والعمل على العودة الطوعية الأمنة للنازحين لديارهم .

5: كون سنجار الثقل الاكبر والعمق الاستراتيجي والمعقل التأريخي للإيزيديين عليه ارى بان يكون باب الحوار مواربا والبحث عن الحلول لتقريب وجهات النظر والخروج من هذه الازمة باقل الخسائر ولاضير ان يتم جلسة مكاشفة ومصارحة بين ممثلي اهالي سنجار والمجلس الروحاني الإيزيدي والامير تحت رعاية جهة عليا ومسؤولة ” حكومية او ممثلية الامم المتحدة في العراق او منظمة دولية” .

ملحوظتان

 الاولى  : ضرورة استماع سمو الأمير الى الاصوات الخيرة وان يتحرك  بجدية اكثر نحو احتواء الازمة والتقليل من التصريحات الاعلامية التي يؤكد فيها بانه هو الأمير والمجلس الروحاني الإيزيدي هو مجلسه  وبعكس ذلك وبحسب استراتيجية الامير الحالية للتعاطي مع وضع الإيزيديين في الداخل والخارج ،حتما سيؤدي ذلك تدريجيا  الى اختزال صفته ومكانته من  ” امير الإيزيديين في كوردستان والعراق والعالم الى أمير الإيزيديين في شيخان فقط ” ويصبح لدى الإيزيديين اكثر من أمير وربما البحث عن أمير بديل.

الثانية: اهمس باذن سمو الأمير واقول بان وقت المواجهة قد حان ، مواجهة الاخطار العاتية التي تحيط بمجتمعنا من كل حدب وصوب.مواجهة الاخطار الداخلية التي تتفاقم لتضعف التماسك المجتمعي وتكرس المناطقية الجغرافية . مواجهة انكار الاخطار التي تعصف بنا من الداخل ومن الخارج.

 

في الختام ، ادرك تماماً انني لم استطع أن اقدم الاجابات التي اطمئن اليها ولم امنح الموضوع حقه، لكنها مجرد محاولة ارجو أن ترضي القارئ العزيز،لاسيما المهتم بالشأن الإيزيدي وتحفز الآخرين على مزيد من النقاش للبحث عن حلول ناجعة ومعالجات جذرية لما يمر به مجتمعنا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى