اردوغان في العراق بعد عقد من الزمان،اتفاقات و تحديات
ايزيدي 24 – قراءة صحفية
احمد شنكالى
حزمة من الاتفاقات ومذكرات التفاهم أبرمتها بغداد مع أنقرة أمس بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق، لكن دخول هذه الاتفاقات حيز التنفيذ هو أمر يشكك به مراقبون.
ووصل أمس الاثنين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى العاصمة بغداد في زيارة هي الأولى منذ 13 عاما، بعد أن كانت آخر زيارة له حين كان رئيسا للوزراء في آذار 2011، ورافقه وزراء الخارجية هاكان فيدان والدفاع يشار غولر والداخلية علي يرلي قايا والتجارة عمر بولات والنقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو والزراعة والغابات إبراهيم يوماقلي والطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار والصناعة والتكنولوجيا محمد فاتح قاجر.
ورعى السوداني، وأردوغان، مراسم توقيع مذكرة تفاهم رباعية بين العراق وتركيا وقطر والإمارات، تهدف الى التعاون المشترك بشأن (مشروع طريق التنمية) الاستراتيجي، وذلك بحضور أعضاء الوفدين التركي والعراقي
وفيما تؤكد لجنة نيابية أن هذه المذكرات ستخضع لدراسة عميقة داخل البرلمان قبل المصادقة عليها، يشكك خبير اقتصادي في نية تركيا التي تقدم مصالحها في هذه الاتفاقات، لافتا إلى أنها لا تتعامل وفق مبدأ حسن الجوار والمصالح المشتركة.
ويقول عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية مختار الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مذكرات التفاهم مهمة بالنسبة للعراق مع تركيا أو باقي دول المنطقة والعالم، وبالتأكيد أن هذه المذكرات ستصب في صالح البلدين، وهي ليست لمصلح بلد دون آخر”.
ويضيف الموسوي أن “لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، لم تطلع على كل تفاصيل تلك المذكرات، ولهذا خلال الأيام المقبلة ستتم دراسة تلك الاتفاقيات وجميع مذكرات التفاهم”، لافتا إلى أن “تحول مذكرات التفاهم إلى اتفاق رسمي موقع يحتاج إلى تصويت مجلس النواب فالاتفاقات الدولية تحتاج غالبا إلى مصادقة البرلمان عليها بالأغلبية وهذا ما أكدت عليه المحكمة الاتحادية”.
ويشدد على أن “أي فقرة ضمن أي اتفاق لا يمكن تمريرها في مجلس النواب دون دراسة، فهكذا اتفاقات وحتى مذكرات التفاهم يتم دراستها بشكل جيد من قبل لجان مختصة فنية وقانونية، وللبرلمان حق الاعتراض ورفض أي اتفاق دولي يعارض مصالح العراق أو يخالف النصوص الدستورية”.
وفي الجانب الاخر قال النائب حسن سالم عن كتلة صادقون النيابية ، ان الاتفاق الرباعي حول طريق التنمية سيجعل دول المنطقة تعيش ادزهار اقتصادي على حساب العراق ، و ذكر النائب في تغريدة له على موقع X ، ان الاتفاق الرباعي بين العراق و تركيا قطر و الامارات لوضع اسس المباشرة بطريق التنمية الذي سيجعل دول المنطقة تعيش ازدهار اقتصادي على حساب العراق الذي سيكون ممر لنقل بضائع هذه الدول و قدر العراقيون ان يرضوا بعيشة الفقراء و غاية ما يحصلون عليه ان يعملوا حمالين لنقل بضائع هذه الدول ، و ختم تصريحه بوسم استيقضوا من نومتكم ..
توقيع مذكرات تفاهم
التحديات
ولا يخرج عن المالوف قول مسؤولي البلدين أن الاتفاقيات التي افرزت عنها زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان كانت إيجابية ولكن هذه المحادثات لم تزل بالطبع كل التباينات بشأن القضايا المطروحة واهمها: استئناف تصدير نفط كردستان و محاربة الإرهاب بعد عودة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية وإضافة حزب العمال الكردستاني إلى لائحة التنظيميات المصنفة كـ” ارهاب ” .
لم يكن من الصعب الاتفاق على البندين الأولين. فبغداد كسبت دعوى قضائية دولية تعطيها حق استيفاء رسوم عن تصدير نفط كردستان العراق عبر الموانئ التركية. و في قبول انقرة بهذا الحكم الدولي اعتراف منها بسيادة بغداد على الثروة النفطية بعدما دأبت أربيل في السنوات الماضية على تجاهل مرجعية الحكومة المركزية وتصدير النفط مباشرة .
اما محاربة تنظيم الدولة الإسلامية لم تكن يوما موضع خلاف بين البلدين نظرا للخطر الذي يشكله هذا التنظيم عليهما معا.
تبقى العقدة الكبرى في مطالبة اردوغان الحكومة العراقية بوضع حزب العمال الكردستاني على لائحة الإرهاب. أمام هذا المطلب على حكومة محمد شياع السوداني ان تختار بين الاستجابة للمطلب التركي وبالتالي الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع حزب العمال وفي عداوة مع أكراد العراق الأمر الذي سيؤدي إلى زعزة الاستقرار الداخلي والى تفكك صيغة الحكم المركزي القائم على الشراكة بين الشيعة والسنة والاكراد وبين رفض الاستجابة لطلب يعتبره اردوغان حيويا للتطبيع الكامل مع البلد الجار والخيار الأخير يقوم على موافقة العراق على العمليات العسكرية التركية داخل أراضيه ضد الأكراد وهذا يعني تخل عن سيادته الوطنية. خيارات أحلاها مر عند الحكومة ..
أشار أردوغان في مؤتمره الصحفي المشترك مع الرئيس العراقي إلى أن المحادثات تطرقت إلى “التنسيق الأمني الثنائي، بما يلبي حاجات الجانبين، ومواجهة التحديات التي يشكلها وجود عناصر مسلحة قد تتعاون مع الإرهاب، وتخرق أمن البلدين، ووجود مناطق رخوة تحتاج إلى المزيد من السيطرة في مناطق حدودية مشتركة”.
رحّب اردوغان بإعلان “حزب العمال الكردستاني” “تنظيماً محظوراً” في العراق، مضيفاً: “تشاورنا حول الخطوات المشتركة التي يمكن اتخاذها ضد تنظيم (بي كي كي) الذي يستهدف تركيا من الأراضي العراقية”.
وأعرب أردوغان عن اعتقاده القوي بأن وجود “حزب العمال الكردستاني” في الأراضي العراقية، سينتهي في “أقرب وقت ممكن”.
وشدّد السوداني على أن “أمن تركيا والعراق وحدة واحدة لا تتجزأ، والتعاون بيننا مهم للأمن في المنطقة”، مضيفاً: “ننطلق من الدستور العراقي، ونتمسّك بعدم السماح لأيّ قوّة باستخدام الأراضي العراقية منطلقاً للاعتداء على دول الجوار، مثلما لا نسمح بأي اعتداء على السيادة العراقية”
الباحث الإيراني فرشيد باقريان في تصريح صحفي له، قال، الهدف المركزي والمحوري لزيارة أردوغان إلى العراق هو المجال الاقتصادي والتجاري، وهو يمكن أن يؤدي إلى تجاوز قضية الأكراد وإقليم كردستان العراق، و اشار باقريان الى ان، الغرض الرئيسي من زيارة أردوغان إلى العراق هو محاولة تحقيق الممر الذي تسميه تركيا ممر “التنمية”، ويتضمن ممر التطوير خط سكة حديد بطول 1200 كيلومتر من جنوب تركيا إلى ميناء الفاو في العراق، والملفت أن مشروع السكك الحديدية هذا والممر التنموي الذي تفكر فيه تركيا لا يمر عبر إقليم كردستان العراق وأربيل، ومن المؤكد أن إقليم كردستان العراق ليس سعيداً بهذا الموضوع،
ولهذا السبب قلت إن زيارة أردوغان إلى العراق يمكن أن تؤدي بشكل واضح إلى تجاوز الأكراد، وأن على أردوغان أن يقوم برحلة رمزية إلى أربيل من أجل الحصول على استرضاء دبلوماسي”
اكد باقريان ان تركيا تحاول استخدام أداة دبلوماسية مثل المياه لتحقيق وتعميم رأيها، لأنه من المؤكد أن أي دولة لديها ورقة رابحة ستستخدمها، لكنني أعترف أيضًا أن تركيا تحاول استخدام أو إساءة استخدام قضية المياه للضغط على جيرانها، وخاصة الجيران مثل إيران والعراق الذين يعانون من الجفاف ..
في ختام تصريحه يشير باقريان ، ان زيارة اردوغان للعراق و الى اقليم كردستان لن تؤدي إلى معادلة جديدة لكيفية التعامل مع حزب العمال الكردستاني وتطورات جبال قنديل، ولا ننسى أن حكومة أردوغان لا تزال تعيش حالة من عدم اليقين وعدم الاستقرار السياسي بعد خسارتها الانتخابات البلدية في تركيا”
حزب العمال و الارق التركي
مع ازدياد العمليات العسكرية التركية ضد حزب العمال الكردستاني في العراق، والتي استخدم فيها الجيش التركي الطائرات الحربية أو المسيرات والمدفعية، وكذلك القوات البرية لمطاردة حزب العمال الكردستاني المنتشر في الجبال الحدودية بين البلدين، و قصفها المستمر لقضاء سنجار ، ومع عدم قدرة الحكومة المركزية في بغداد على الحد من نفوذ حزب العمال في العراق، كل هذه الأسباب بحسب مراقبين دفعت الحكومة العراقية إلى التفكير في إبرام اتفاقية أمنية مع أنقرة، وإنشاء منطقة عازلة من أجل تقليل النفوذ التركي في المنطقة..
أياد العناز، المحلل السياسي العراقي ، يقول سبق أن أكد العراق أنه لن يسمح لأي قوة بأن تنطلق من أراضيه وتستهدف أراضي دولة أخرى، وهي إشارة ضمنية لحركة ونشاط حزب العمال، وسيكون لهذا الموقف تبعيات، يتحتم على الحكومة العراقية الالتزام بها ومواجهة قواعد ومعسكرات حزب العمال ومنعه من ممارسة أعماله، رغم ما لديه من علاقات مباشرة مع فصائل مسلحة وقوى سياسية عراقية لها حضور في المشهد العام العراقي”
وعلى مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، أقامت تركيا عشرات القواعد العسكرية في كردستان العراق لمحاربة الحزب الذي يقيم أيضا قواعد خلفية في هذه المنطقة.
وردا على سؤال حول إمكان التعاون مع تركيا في ما يتعلق بالحزب، استبعد وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في لقاء مع قناتي العربية والحدث في آذار/مارس القيام “بعمليات مشتركة”. لكنه قال إن أنقرة وبغداد ستعملان على انشاء “مركز تنسيق استخباري مشترك”
اما في الجانب الاخر قال عضو لجنة العلاقات في حزب العمال الكردستاني، كاوة شيخ موس، في حديث لـ “بغداد اليوم”، إن “هذه الزيارة هي ذات شأن داخلي ولا نتدخل بها ولكن على المسؤولين في العراق الحذر من (المكر والخديعة والأطماع) التي يمارسها أردوغان، كونه صاحب أطماع توسعية”.
وأضاف أن “حزب العمال الكردستاني يدافع عن قضية شعب وليس له علاقة بالشأن الداخلي للعراق، ولكن نأمل ان لا تنطلي أكاذيب أردوغان على المسؤولين في العراق”