اكتشاف شاعر أمير وأمير شاعر
مراد سليمان علو
أرسل لي الصديق الأمير سرمد سرهاد تحسين بك كتابا يضم بين دفتيه الأعمال الشعرية الكاملة لعمه الشاعر الأمير الراحل سعيد تحسين بك، مذيلا إهداء بخط يده الكريمة وتوقيعه.
وكما قلت في مناسبة سابقة، لا شيء يفرحني كما هدية كتاب ممتع. فشكرا لسمو الأمير سرمد على هديته القيمة.
عرفت الأمير الشاب سرمد في ألمانيا، بعد تهجيرنا، وقدمني اليه الصديق الإعلامي دلشاد نعمان في مناسبة سابقة.
قبل قراءة هذا الكتاب لو قال لي أحدهم أن في بيت الأمارة في باعذرا، أو في عائلة الأمراء عموما شاعر لما صدقته. ولقلت بكل ثقة: هؤلاء ليس لديهم الوقت الكافي ليشغلوا أنفسهم بكتابة الشعر. فهم أي الأمراء والأميرات يعيشون أحلامهم، ولا ينتظرون مثلنا لتتحقق تلك الأحلام، أو يدونوها على الورق.
ولكن ويا لدهشتي! ما أن تصفحت الكتاب حتى اكتشفت شاعرا من الطراز الرفيع، يمتلك لغة جميلة وأدوات استثنائية طاوعته في كتابة قصائد مدهشة.
لعل الشاعر، والعاشق، والمجنون، والطفل، والمتسكع. والمتسول يكونون من طينة واحدة؛ ولهذا شعر الأمير سعيد يدور حول الحب والحياة والموت والخلود والمرأة والمكان والرغبة في الرجوع للماضي. ونجد هاجس الحزن والنوستاليجا علامة أساسية في قصائده، مثلما هي زاخرة بالهاجس الآيروتيكي العنيف؛ ربما نتيجة شربه للخمر باستمرار، فهو كما قرأت من تقديمات وشهادات بعض أصدقائه كان حزينا على الدوام وكأنه قد فقد شيئا عزيزا في الحياة. وبالتأكيد هذا يعود الى واقعه والى واقع مجتمعه وظروفه الخاصة وظروف وطنه، والغربة التي عاشها، وكذلك طريقة العيش التي فرضها على نفسه.
كذلك التناص تقنية شعرية طاوعته أدواته اللغوية البسيطة الجميلة في تعاطيها، وقد شرحها باستفاضة الدكتور فيصل القصيري في دراسته: قراءة في تجربته الشعرية / الرؤى والعلامات.
وطبعا أنا ضد حشو الكتاب بالدراسات والشهادات والتقديمات.. فالكتاب ليس دراسة أكاديمية انما أعمال شعرية كاملة لشاعر راحل لذا كان من الأفضل أن يتضمن قصائده فقط. ولا بأس من كتابة تقديم مهم. فلا يعقل أن نقيد أعماله بما نرغب نحن أن ندونه، بعدما كانت حياته مبنية على الحرية وعلى ما يريده هو.
لا شك حياته كانت استثنائية ومدهشة مثل شعره، فهو غير مؤمن بالجبرية، بل بعقله الذي يدير حياته وفق أرادة حرة وصلبه، فنراه يقول في قصيدة (كل المواسم) الصفحة (80):
كل المواسم
مواسم للعشق
ان شئنا
وكل المواسم
مواسم لليأس
ان استسلمنا
فلنفكر معا
في تحقيق
أحلامنا…
يبدو أن الأمير الراحل الشاعر سعيد تحسين بك كان يعلم ما يريد من الحياة، فهو يعول على عقله كما أسلفت.
وأيضا يبدو أنه كان يعيش أيامه غير نادما على ما يفعله خلال أوقاته، فهي ملك له، وهو حرّ أن يتصرف بها كيفما يريد ومثلما يرغب. يقول في قصيدة (تدثري) الصفحة (87):
تتدثري بشفاف (عله يقصد بشغاف)
قلبي
كل مساء
عند الأصيل
وتبرعمي حبا
مجنونا
بين الحنايا
فأنا لست
نادما
أبدا…
واثق من نفسه، ومن صحة القرارات التي اتخذها في حياته، فبالتالي هي حياته هو، ولا أحد له الحق في أن يملي عليه شيئا. ولعمري هكذا يعيش الأحرار في كل زمان وفي كل مكان من المعمورة.
ويبدو أنه قد فهم الحياة، لذلك نراه يقول في نفس القصيدة:
… الأمس
أصبح ذكرى
والغد حلم
ما نمتلكه من الزمن
يا حبيبتي
هي هذه اللحظات…
علم النفس الحديث، وجميع منظري وكتاب التنمية البشرية، وكذلك معلمو اليوغا يدعون الناس الى استغلال اللحظة الحاضرة فهي الوحيدة المتوفرة، وهي الوحيدة الحقيقية، لا الماضي ولا المستقبل يمكن تناوله فقط، اللحظة الحاضرة.
هناك أمر آخر أود لفت النظر اليه وهو أن من قدموا الشاعر الأمير في مقدمة الكتاب لم يلتفتوا الى ما هو عليه أساسا وهي الأيزيدياتية التي لبسته ولبسها بطرق مختلفة مباشرة كفرع مثمر مباشر من شجرة الأمارة، أو بطريقة غير مباشرة كشاعر، مبدع فنرى الأيزيدياتية تظهر بأبهى صورها في قصيدة (أحتضنك) الصفحة (92) حيث نراه في قصيدته هذه صريحا كمعظم الأيزيدية، متماهيا مع الطبيعة، شجاعا أن دعت الحاجة للشجاعة كالفرسان، محبا كأي أيزيدي، ومؤمنا بالتناسخ والولادة الجديدة. وهذه صور من صلب الأيزيدياتي فيقول:
أحتضنك
وجها لوجه
صدرا لصدر
كما الأشجار
تحضن بعضها
أحتضنك
كاحتضان
الغمد للسيف
فتدخل أحشائي
كدخول السيف
في الغمد
فيتأجج الحب
في أحشائي
كي يولد
من جديد…
أية صور بديعة رسمها بريشته، وكأنه يخط جزء من معتقده الأيزيدي. ويبدو أن ثيمة العودة الى الحياة (التناسخ) حسب الاعتقاد الأيزيدي كانت تشغله شعريا فنراه يكررها في القصيدة التالية، قصيدة (الملساء) الصفحة (94) يقول:
… وأنتعش على
صخب الموج
ليعود اليّ شبابي
ثانية.. وأحيا من جديد.
ربمّا تعمدت في كتابة المزيد من القصائد أو مقتطفات منها على الأقل؛ لأن الكتاب مطبوع بأعداد معدودة فقط وهو بالتالي غير متوفر في المكتبات فلم ينشر عن دار نشر. وهذه فرصة ليطلع المزيد من الناس على هذا الشعر الاستثنائي.
فهو كأمير أيزيدي يعي رتبته الدينية، ومكانته الاجتماعية ومخلص لمعتقده ويمكن قراءة ذلك في قصيدة (دائرة العشق) في الصفحة (106) حين يؤكد على انتمائه:
… وأموت أنا
حينما
اخرج
من دائرة العشق.
تأمل مصطلح (الدائرة) والخروج منها، وماذا تعني في الموروث الديني الأيزيدي، وأديباته.
لنقرأ معا القصيدة التالية كاملة، ومن ثم سأقوم بتفكيكها حسب قراءتي لها. القصيدة بعنوان (لا تخرجي) في الصفحة (96) وشخصيا أفضل أن اسميها بالقصيدة الكونية:
لا تخرجي هذه الليلة
وأبقي معي
تقلبي على صدري
وتأملي النجوم
أنها تختفي
واحدة (تلوى) الأخرى ـ لعله يقصد (تلو) وهنا العتب على معد الكتاب ثانية.
والقمر يهبط
شيئا فشيئا
والأرض تصعد الى
السماء شيئا فشيئا
لا تخرجي هذه الليلة
وانظري معي الى
ما سيحدث
أنها ليلة عشق كونية
القمر يهبط والأرض تصعد
والآن اقتربا من بعضهما
انظري.. انهما يلتصقان
بعد قليل سيبدأن
بممارسة العشق
فأبقى هكذا معي
وتقلبي على صدري
الى الصباح
لنستمر أنا وأنت
أيضا
بممارسة العشق
الى الفجر
الى أن يصعد القمر
الى عرشه
وتنزل الأرض الى
مستقرها
ابقي هكذا معي
وتقلبي على صدري
لنستمر أنا وأنت
أيضا
بممارسة العشق
الى الفجر..
الى الصباح.
تأمل الشاعر الكون في هذه القصيدة، مع صعود الأرض ونزول القمر وصعودها ثانية واستقرار الأرض في النهاية، وهو يعتبرها ليلة عشق كونية، فيطلب من حبيبته ألا تخرج وتبقى معه ليمارسا الحب حتى الصباح.
هذه القصيدة تذكرنا بأسطورة الخلق والتكوين السومرية، والتي هي بالتسلسل كالآتي:
في البدء كانت الآلهة “نمو” ولا أحد معها، وهي المياه الأولى التي انبثق عنها كل شي.
أنجبت الآلهة “نمو” ولدا وبنتا. الأول “آن” إله السماء المذكر والثانية “كي” إله الأرض المؤنث وكانا ملتصقين مع بعضهما وغير منفصلين عن أمهما “نمو”.
ثم قام “آن” بالزواج من “كي” فأنجبا “أنليل” إله الهواء الذي كان بينهما في مساحة ضيقة لا تسمح له بالحركة.
“إنليل” الإله الشاب النشيط لم يطق ذلك السجن فقام بقوته الخارقة بفصل أبيه “آن” عن أمه “كي”، فرفع الأول فصار “سماء”، وبسط الثانية فصارت أرضا. ومضى يرتع بينهما.
ولكن “إنليل” كان يعيش في ظلام دامس، فأنجب “إنليل” ابنه “نانا” إله القمر، ليبدد الظلام وينير الأرض.
“نانا” إله القمر أو “سين”، أنجب بعد ذلك “أوتو” أو “شمش” إله الشمس.
وبعد أن ابعدت السماء عن الأرض، وصدر ضوء القمر الخافت وضوء الشمس الدافئ، قام إنليل” مع بقية الآلهة بخلق مظاهر الحياة الأخرى.
مع عدم مشاركة شاعرنا الأمير الحياة السياسية، أو الدينية رغم ذلك كان يتكلم عنها، ويناقشها في مجلسه. ولو قرأنا قصيدة (لا ترمم) والتي تقع في الصفحة (114) سنرى رؤى شخصية جديرة بالتأمل، فهو يذكرني بنيتشه عندما دعا الناس الى الأنسان الأعلى، والشاعر يدعونا هنا الى البدء من جديد وبناء كل شيء من جديد:
لا ترمم شيئا
بل هَدِّم ما تبقى
من القديم
قبل أن يتداعى
فقريبا
سينهار كل
قديم
هَدِّم كل قديم كي لا تموت
تحت الأنقاض
لا ترمم شيئا
فقد مضى
زمن الترميم
وابدأ من الآن
وابني كل شيء
من جديد…
والى نهاية القصيدة، والسؤال هو هل كان يقصد:
الحياة؟ أم الأنسان؟ الأيزيدياتي؟ أم نظام الأمارة؟ أم انها كانت مجرد شطحات شاعر. في تأويلي ونسبة الى ثقافته وتعليمه وقراءاته، وتعاطيه للشعر كمخرج فلسفي في متناول اليد لمشاكله الوجودية ومشاكل عصره، أقول ربمّا كان يقصد الحياة بمجملها. وربمّا شيء خاص كان يدور في فكره ولا يريد البوح به علنا. فالشاعر عالم غامض مرآته عادة تكون القصيدة التي يكتبها.
أما في حالة أميرنا فهو يرفض أن يكون الضحية، حتى في حالة الحب والهيام، بل يحذر (جميلة الجميلات) من أن تصبح هي الضحية كما في القصيدة التالية، والتي عنوانها (جنون موسمي)، رغم أنه لا يتوانى الفزعة والتغزل كما في القصائد التي تليها. ولا ينسى اعتداده بنفسه وبيان ذلك كما في قصيدة (أجمل وشم). ويعود الى فلسفته التي نثرها في قصيدة (لا ترمم) وقد عرف دوره في الحياة فيقول ضمن ما يقول في قصيدة (أسرع)
… فالحياة لعبة
مسلية
ان عرفت دورك
أسرع
لا وقت للانتظار…
قصيدة مدهشة عليك أن تعيد قرأتها؛ ولهذا قلت إنه ربما كان يقصد الحياة بحلوها ومرها عندما قال إنها لا تستأهل الترميم بل الهَدِّم، والبد بالبناء من جديد.
هذا الذي نقرأ له شاعر بمعنى الكلمة، ويمكن الاطلاع على قصته مع الشعر وكيف يكتب القصيدة إذا ما تأملنا قصيدته التي عنوانها (حضور الشعر) في الصفحة (151) وهي القصيدة الثانية من ديوان (كل شيء سواك سراب) ضمن كتاب الأعمال الشعرية الكاملة. ومن الصعب تقريب الصور العديدة التي يتأثر بها ويكتب الشعر حين يراها دون الاطلاع على القصيدة كاملة بصورها البهيجة الاستثنائية:
كلما احتسيت
كأسا
يزداد
جمال وجهك
ويحجب عن عيني
قبح العالم
ويحرك الشعر القلم
وابدأ
بكتابة القصيدة…
هذه هي الصورة الأولى من القصيدة وهي مكتوبة بلغة واضحة وأسلوب بسيط يفهمه الجميع ولنقرأ الصورة الثانية من نفس القصيدة:
كلما رأيت
صبيا مشردا
أو طفلا يبكي جوعا
أو امرأة متسولة
يأتيني الشعر
حزينا…
الشعر أو القصيدة تتغير وتكون حسب الحالة الإنسانية التي يراها أمامه، وهي صور واقعية حد النخاع وكأنه يريد من القصيدة أن تكون مرآة لمجتمعه، وفي الواقع هي كذلك:
…كلما تأملت
جمال القمر والنجوم
أو جمال حديقة
أو زنبقة تتفتح
شيئا فشيئا
يحضر الشعر
فجأة…
الصورة واضحة ولا تحتاج الى شرح أو تأويل، ويكمل صوره بأخرى جميلة فيقول:
… كلما التقيت
بامرأة جميلة
تنشر
شذى الحب
في شوارع
المدينة
يصبح الشعر ثالثنا…
وهكذا يختم الشاعر، ولا ينسى أن يضع على قصيدته صورة شعرية وهي بمثابة درة تاجها فيختتم بالقول، ويا حلاوة وجمال ما يقوله:
… كلما رأيت
عاشقين متعانقين
تحت ظل
خميلة
أصبح شاعرا.
وهكذا يولد الحب والشعر وهكذا تتكرر صور الحب والشوق والمحبة والأخلاص واللهفة واللقاء… الخ في معظم قصائد الديوان الثاني (كل شيء سواك سراب) فهي تبدو وكأنها مخصصة للحب ومخاطبة المحبوبة.
من الأمور الملفتة للنظر والصور الاستثنائية مخاطبته للمرأة ككائن جميل، كملاك، كأسطورة. بل أحيانا في بعض قصائده يتكلم بلسان المرأة نفسها ويأخذ دور المحبوبة. والمرأة في معتقده ليس وعاء لتفريغ الشهوات كما نرى ذلك في معظم القصائد الحديثة من أنصاف الشعراء التي تتحدث عن المرأة أو عن الحب.
كذلك يمكن العثور على بعض السمات من شخصية الأمير الشاعر من خلال شعره فهو يقول في قصيدة (إذا لم تستطع) في الصفحة (188) بل يدعو للحركة على أقل تقدير من باب أن الحركة ولود والسكون عاقر:
إذا لم تستطيع
أن تفعل شيئا
فأرسم في دروب القرية
وعلى جدران بيوتها
صور للأطفال
يموتون جوعا
وإذا كنت لا تجيد الرسم
فأكتب باللون الأحمر
كلمة صادقة
أو كلمة حب
وإذا كنت لا تجيد الكتابة
فاجمع الحطب
وقدمه لتلك
العجوز البائسة
لتشعل التنور
وتصنع الخبز.
قد تحتوي هذه القصيدة بخلاف غيرها من القصائد في الديوان الثاني على بعض الرموز وهي سهلة التفكيك، فنراه يبدأ بالرسم على جدران بيوت القرى، وكأنه يرغب أن يبث الوعي بين البسطاء القرويين من الناس على طريقة الأسلاف ومن ثم الكتابة باللون الأحمر وكلنا ندرك معنى الأحمر كشعار للحزب الشيوعي الذي يؤمن بالاشتراكية وبعد ذلك ينتقل الى أشعال التنور وصنع الخبز وهي غاية المناضل، أن يتمكن جميع أفراد الشعب من تناول الخبز يوميا.
من هو هذا الأمير الشاعر أذن؟
من عادتي الا احاكم الأديب من خلال النصّ، ولكن قيل عنه وبشهادة معاصريه وبعض أصدقائه أنه كان متأثرا بالصعاليك وحياتهم، وبما أنه لم يكن شاعرا محترفا، أي أنه لا يكتب من أجل المال، فيمكن الاستدلال على بعض صفاته من خلال نصوصه، وهذا ما أفعله في كتابتي هذه عنه.
يقول في قصيدة (من أنا) في الصفحة (244):
أتريدون
أن تعرفوا
من أنا
أنا يا أصدقائي
رجل ضال
لا أعرف
طريق العودة
الى داري
أنا مشرد
لا مأوى لي
سوى
الحانات والحدائق
والشوارع والطرقات
وأنا مجنون
لا أعرف شيئا
عن القوانين
والعلاقات
وأصول الدعوات
والحفلات
أحذركم
من جذبي
الى طاولة
العلاقات…
ويعقبها بقصيدة فلسفية مدهشة عنوانها (ماذا أريد) يدعو بها الى التحكم بالعقل والمنطق اللذين ينسجمان مع التعامل بالعلوم التجريدية أكثر من العلوم الإنسانية التي تتأول حسب الحاجة أو الوقت:
أتريدون
أن تعرفوا
ماذا أريد
أنا يا أخوتي
لا أريد شيئا
كبيرا
كما تتوقعون
ما أريده
بسيط.. بسيط
جدا
وهو أن ترددوا
معي هذا النشيد:
الأبيض أبيض
والأسود أسود
والأبيض ليس أسودا
والأسود
ليس أبيضا
الأبيض أبيض
والأسود أسود.
هذا الأمير العاشق الحزين ناشد الوحدة في حياته وأعلنها كما في قصيدته (كي لا أجامل) في الصفحة (290) فهي قناعته التي يؤمن بها وينشدها. يريد أن يسهر وحيدا مع قمره وينتظر قدوم حبيبته، يطلب الحب ولكن دون كلام، فهو ضجر ويشعر بالبرد ويبحث عن الحرارة. قصيدة (القلب المسافر) الصفحة (302). وأوجه عديدة للحب والهيام نجدها في قصائد الديوان الثالث (رقصة النجوم).
الحقيقة جميع القصائد في المجاميع أو الدواوين الخمسة تستحق القراءة بعناية، وكل قصيدة منها تستحق الوقوف عندها والتكلم عن جمالها واللغة الجميلة التي بنيت بها.
قصائد مليئة بالحب والجمال والأمل، مثلما هي تفيض بالسؤال والحيرة والوحدة أيضا. كل قصيدة من تلك القصائد تحكي قصة قصيرة وتدعوك للتأمل والحصول على درسك في الحياة والحب والموت والخلود مع كأس مترعة بالشراب وحبيبة تضع رأسها على كتفك، لترتاح هي وتريحك. بعد أن تكون قد تعبت من أسئلته كشاعر وكانسان عن العشق والحياة والموت والعودة الى عمر الشباب من جديد.