شنكال والعدالة المفقودة، مسؤولية العالم النيوليبرالي

سرمد سليم
ما حدث للإيزيديين في 2014 لم يكن حادثا عشوائيا، بل نتاج هيكل سياسي-اقتصادي عالمي يسمح للضعفاء بالوقوع ضحايا العنف بلا حماية حقيقية. المخيمات في اقليم كردستان العراق ليست مجرد مأوى، بل فضاء لإعادة إنتاج القهر: معونات مشروطة، فرص اقتصادية معدومة، وسيطرة مستمرة على حياة الناجين.
الناجون يعيشون تجربة مزدوجة: الخوف المستمر من الداخل، والاعتماد البنيوي على الخارج. الطفل الذي يرتجف من صوت المفرقعات النارية، والمرأة التي ترفض العودة إلى قريتها، ليسا ضحايا صدف، بل نتاج سياسات دولية عاجزة أو انتقائية. العدالة المعلنة تتحقق فقط حيث تتوافق مع مصالح النخب والدول الكبرى، بينما تُترك الضحايا بلا حماية.
ترك الإيزيديين في المخيمات لأكثر من عقد يكشف التناقض البنيوي بين القيم المعلنة والواقع العملي. إنقاذ حياة لا يكفي، إذا لم يترافق مع ضمان أمان، تمكين اقتصادي، واستعادة للحقوق الاجتماعية والسياسية. العدالة ليست شعارات، بل أفعال ملموسة تحمي الكرامة البشرية. المسؤولية الدولية هنا واضحة: لا يمكن الاكتفاء بالاعتراف الرمزي بالمأساة، أو محاكمة (بعض) القتلة فقط.
يجب إعادة هيكلة العلاقة مع الضحايا: حماية فاعلة، تمكين دائم، مساءلة النخب، وإعادة بناء ما هُدم. أي قصور في ذلك هو استمرار الاستغلال البنيوي واستمرار الظلم. شنكال ليست مجرد مأساة محلية؛ إنها اختبار عالمي للعدالة البنيوية. العالم النيوليبرالي الذي يدعي الإنسانية يواجه اليوم سؤالاً صارخا: هل سنطبق ما نعلن أننا نؤمن به، أم سنترك الضحايا عالقين في مؤقت مستمر، تحت سيطرة بنيوية لم تتغير منذ 2014؟