شاب ايزيدي يصرخ، انا ممنوع من دخول لالش ، بسبب السياسة
برعاية دولة رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني المحترم وضمن المبادرة الوطينة لتنمية الشباب، تنفذ ”مؤسسة ايزيدي 24 الإعلامية” هذه المادة ضمن مشروع ”نبذ خطابات الكراهية والحفاظ على التنوع” بالتعاون مع المجلس الاعلى للشباب ودائرة المنظمات غير الحكومية.

ستوري – ايزيدي24
دخيل يحلم كل ليلة بزيارة معبد لالش، أكبر وأقدس المعابد لدى الديانة الإيزيدية، الواقع في قضاء شيخان شرق محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق. قصة فراقه عن لالش ليست سهلة، بل كانت إحدى المغامرات التي خاضها. بسبب الاختلاف في السياسة أو الأيديولوجيات، يُمنع دخيل ومئات الشباب الإيزيديين داخل العراق وخارجه من دخول إقليم كردستان، وبالتالي لا يمكنهم زيارة معبد لالش.
كان دخيل لاجئًا على جبل سنجار، حيث غادر ناحية القحطانية، مسقط رأسه، عند هجوم تنظيم داعش على مناطق الإيزيديين في 3 أغسطس 2014. لجأ إلى الصخور والأشجار، وتحمل البرد والحر، وقاوم كل شيء مع عائلته. بعد أيام، فتحت وحدات حماية الشعب الكردية ممرًا آمنًا من شمال سوريا إلى جبل سنجار، وساهم هذا الممر في إنقاذ حياة أكثر من 100 ألف مواطن من سنجار بعد انحصارهم في الجبل.
وصل دخيل مع عائلته إلى سوريا، وبالتحديد مدينة “تربة سبي”. وبخلاف آلاف العوائل التي ذهبت إلى محافظة دهوك، بقي دخيل وعائلته هناك ولم يتوجهوا إلى إقليم كردستان.
من هو ؟
دخيل حربو، شاب ثلاثيني من أهالي ناحية القحطانية شمال غرب جبل سنجار. نشأ وترعرع بين أزقة الناحية حيث المنازل الطينية وهواء سنجار. يعشق أرض سنجار وهو من عشاق الديانة الإيزيدية.
انضم دخيل وإخوته ووالده، بعد احتلال داعش لسنجار وارتكاب إبادة جماعية بحق أهلها، إلى صفوف المقاومة الإيزيدية، وبالتحديد إلى “وحدات مقاومة سنجار”، إحدى أبرز فصائل المقاومة الإيزيدية التي تصدت لداعش وساهمت في تحرير العديد من القرى والمجمعات الإيزيدية.

أصبح دخيل صديق الجبل، لون الأشجار بكاميرته، وجال بين وديان ومناطق جبل سنجار. لم يكتفِ بهذه الأمور فقط، بل رافق الكثيرين إلى حيث تواجدت النساء الإيزيديات المختطفات، وساهم في إنقاذ العديد منهن.
حرمانه من لالش
في عام 2023، حاول دخيل زيارة معبد لالش، لكنه مُنع من ذلك، وألقت القوات الأمنية في محافظة دهوك القبض عليه. بقي في السجن 15 يومًا بتهمة الانضمام إلى “وحدات مقاومة سنجار”، رغم أنه ليس عسكريًا. يروي دخيل ما حدث معه أثناء سجنه، وكيف تم الإفراج عنه بوساطة من أشخاص خيّرين. آخر ما قيل له: “اذهب مشيًا إلى نقطة التفتيش العراقية، ولا تحاول العودة مرة أخرى، أنت ممنوع من دخول أرض كردستان المقدسة”.
” انت ممنوع من دخول ارض كوردستان المقدسة “
على الرغم من ابتعاد دخيل وعائلته عن “وحدات مقاومة سنجار” وتفرغهم لأعمالهم الخاصة والعمل في مجال التجارة، فإن التهمة القديمة ما زالت ملتصقة به وبعائلته.

كتب دخيل على صفحته الشخصية منشورًا وجه فيه رسالة يطالب الجهات الأمنية في كردستان بالسماح له بزيارة معبد لالش هذا العام، ونالت رسالته تضامنًا كبيرًا.
يقول دخيل في سرد قصته لـ”إيزيدي24″: “أنا شاب إيزيدي من سنجار، عمري 30 سنة، لكن العمر الحقيقي الذي أحمله في داخلي أكبر بكثير.. لأنه مليء بالجروح والخسارات والذكريات الثقيلة”.
وأضاف: “منذ أن كنت طفلًا، كان حلم حياتي أن أزور لالش، بيت النور ومصدر الروح لنا نحن الإيزيديين. لكن في 2014، جاء داعش، قتلوا ابن عمي وخطفوا أكثر من 30 شخصًا من أخوالي، ومنذ ذلك اليوم لا نعرف عنهم شيئًا. حملت في قلبي نذرًا أن أذهب إلى لالش وأرفع الدعاء لهم ولجميع المفقودين والشهداء”.
وتابع: “في 2023، ظننت أن الوقت قد حان لأحقق الحلم. تركت كل شيء ورائي واتجهت نحو لالش. لكن بدلًا من أن أُستقبل بالأحضان، استقبلوني بالقيود. أوقفوني في نقطة التفتيش، أخذوني إلى السجن، ومرّت عليّ 15 يومًا كأنها سنوات”.

بحسرة، واصل الحديث: “هناك، لم يكن الألم فقط من الجدران الباردة أو الطعام القليل، بل من الإهانة التي شعرت بها كإنسان، كإيزيدي، كابن أرض يريد فقط أن يزور أقدس مكان لديه”.
وأردف: “كنت أحيانًا أفكر بالانتحار، وأحيانًا أتمسك بالأمل، وأقول لنفسي: إذا كان هناك حق وعدالة وتعايش وديمقراطية، فسأصل إلى لالش يومًا ما”.
رسالته ودعوته
يقول: “رسالتي اليوم إلى الشارع الإيزيدي وكل إنسان حر: لالش ليست ملك حزب، ولا بوابة يمكن إغلاقها بقرار سياسي. لالش بيتنا، ترابها لنا جميعًا، ونورها يشع على كل إيزيدي في العالم”.
وأضاف: “أطلب دعمكم، صوتكم، وقفتكم معي، حتى أستطيع في شهر أكتوبر أن أزور لالش وأوفي نذري، وأرفع الدعاء لكل الأرواح الطاهرة، ولكل أم وأب ينتظرون أبناءهم منذ سنين. ساعدوني في إيصال هذه الصرخة… لأن حرماني من لالش هو جرح لكل الإيزيديين”.